الباحث: الشيخ د. حامد الحمداني
ملخص
قطعا لم نبالغ في استخدام هذا العنوان لوصف الامام الراحل السيد روح الله الخميني ( قدس سره) حيث ان الامام هو مؤسس الجمهورية الاسلامية الايرانية ,وكلمة الاسلامية وحدها يحق لكل مسلم الافتخار بها , كما يعتبر كرمز لشخصية استثنائية تركت اثرا عميقا في التاريخ السياسي الاسلامي في القرن العشرين , كما تعني عبارة العنوان ان الامام حمل بروحه وشخصه هموم امة , واحدث من خلاله تأثيرا بحجم امة كاملة من حيث الفكر والثورة والمشروع الحضاري التنموي, ولم يكن هذا من وحي الصدفة التي تولدها الاحداث السياسية والمتغيرات الطبيعية بل جاء وفق ارث عقدي امتد الى اهل البيت ( عليهم الصلاة والسلام ) فتكلم بصوتهم وقام بحركتهم وبزغت ثورته مطابقة لفكرهم , وهذا ما تربى عليه علماء اهل البيت . ولم يقتصر الامام الراحل في فكره كديدن باقي العلماء من اصدار فتياهم وفق الظروف والضرورة التي توجب الفتيا , بل انطلق بحزم ليرى العالم علم وفكر الاسلام الاصيل حاملا بذلك هموم امة اثقلها الخنوع والتراجع والتفرقة ليشع بذلك النور من ظلمات الوهن والتبعية الى منار العزة والمنعة للمسلمين, وبذلك حقق دولة سندا لكل المظلومين والمضطهدين في العالم , وبذلك اصبحت ثورته المباركة مثالا يحتذى به بما قدمه من رؤية الحداثة الاسلامية وكيف دين السياسة والابتعاد على هوجاء الغرب وحداثتهم وسياساتهم , واشخص ما قام به الى الامام الخامنئي رفيق دربه وامين سره ليكمل مشورا طويل المضمار طيب الثمار صعب المراس فيه انفة الرجال وقوة القلب ليفاجئ العالم يوميا وعلى مر الليالي والايام بإنجازات علمية يغبطه عليها المحب وتكون ردا للمؤمنين ويحسده المبغض و وبالا على الكافرين , فحقق بذلك ما اشار اليه الحيث النبوي ( لو كان العلم بالثريا لتلقفه رجل من اهل فارس)
لذا جاءت هذه الورقة البحثية بعنوان ( الامام الخميني امة في رجل)
مقدمة
تعد شخصية الامام الخميني (قدس سره) واحدة من ابرز الشخصيات الاسلامية في العصر الحديث , حيث تمكن من قيادة ثورة شعبية اطاحت بأحد اقوى انظمة الحكم في الشرق الاوسط ( نظام الشاه ) الذي كان تابعا لقوى الاستكبار العالمي وباع وطنه للغرب اسوة بالأنظمة العربية التي رمت بنفسها واموالها في احضانهم , وفي خضم ذلك انبرى الامام ( رحمه الله تعالى ) ليقول للباطل كلا وللاستعمار كفاكم نهبا لأموالنا وللمسلمين اصحوا وكفاكم نيام. فنهض من البقعة المباركة وعلى اسم ( الله سبحانه وتعالى ) ومساعدة المؤمنين وفضل الدماء الزكية ليؤسس نظام حكم ديني سياسي وفق رؤية مذهب اهل البيت ( عليهم السلام) والذي يعد نظاما فريدا في العالم الاسلامي حيث لم يأت به الغرب وقوى الاستكبار, لذلك جاءت هذه الدراسة لتحليل شخصية الامام الخميني ( قدس سره) من حيث فكره وممارسته السياسية وروحه الثورية لفهم سر تأثيره الواسع.
اولا : الولادة المباركة
ولد روح عام 1902 في مدينة خمين في ايران , وتلقى علومه الدينية في حوزة قم المباركة ثم انتقل الى الحوزة العلمية في النجف الاشرف ليكمل بذلك تعليمه المبارك على يد كبار العلماء في زمانه حتى وصل الى الاجتهاد واعطاء الدروس البحث الخارج , وتأثر( رضوان الله عليه) بالفكر الفلسفي والعرفان الى جانب علم الاصول ([1])
ثانيا : الامام الخميني ونظرية ولاية الفقيه
يرى الشيخ جعفر السبحاني ( حفظه الله تعالى) في كتابه ولاية الفقيه في نظرية الامام الخميني ( قد.س) ان ولاية الفقيه هي الركيزة الاساسية وتقام على مبدا ان الفقيه الجامع للشرائط ولديه الكفاءة الدينية والسياسية هو اولى من غيره بقيادة الامة في زمن غيبة الامام الحجة المنتظر ( عجل الله تعالى فرجه)([2])
ثالثا : الامام الخميني والثورة المباركة
ايقن الامام الخميني (قد.س) ان البلاد اتجهت الى الهاوية بفعل ممارسات الشاه وان الاسلام اصبح في خطر محدق ولا بد من النهوض المبارك لجمح الشاه . وعلى بركة (الله تعالى) وللرسائل التي وصلت للإمام ان الثمار قيد اينعت وهو في منفاه اصدر امرا بالقيام بالثورة ([3]) حيث قادها عام 1979 والتي تميزت بالطابع الشعبي والشمولي حيث خرج كل اطياف الشعب للمشاركة فيها وقدموا التضحيات في سبيل الحق والوطن , وبعد اعلان الانتصار اعلنت عن الجمهورية الاسلامية بقيادة الامام كمرشد اعلى للدولة الاسلامية([4])
خامسا : الجدل حول الامام
كانت ولا زالت شخصية الامام محل جدلا , استنادا الى حركته المباركة فمنهم من يرى انه قائدا ومجددا اسلاميا ورمزا للمظلومين والتحرر انظمة الاستبداد , ومنهم من يرى – اعدائه- المنادون بالحرية الغربية انه رجلا استبداديا فرض نظاما دينيا مغلقا ([5]) وسبب هذا التباين هو اخلاف الرؤية الفكرية التي يؤمن بها انصار كلا منهما , يبق ان نقول الحق ان الامام اسس دولة ذات مكانة وشانية علمية اصبحت تسامي الدول المتقدمة وتنافسها ([6])
ختاما
من خلال ما تقدم نؤكد ان الامام الخميني ( قد.س) لم يكن مجرد مرجع ديني او قائدا سياسيا بل انه ظاهرة فريد من نوعها حضارية غيرت مجرى التاريخ واوجدت نظاما سياسيا اسلامية وفق رؤية اهل البيت ( عليهم الصلاة والسلام) في الشرق الاوسط , قام على تدين السياسة وان السياسة كانت وتبقى بيد اهل الدين والعلم مقتديا بالنبي الاكرم واهل بيته ( صلى الله عليهم ) وان من يتصدى اليها من غيرهم يؤدي بالبلاد الى الهاوية لما يركن الى الدنيا ويترك الاخرة ( وما الحياة الدنيا الا متاع )
([1]) عبد الكريم سروش ” الخميني والعقلانية السياسية ” مط المحجة البيضاء
([2]) الشيخ جعفر السبحاني ” ولاية الفقيه في نظرية الخميني ” ص 175
([3]) ايروك رولو- ” الثورة الايرانية – من الشاه الى الخميني
([4]) نصر حامد ابو زيد ” الاسلام والسياسة “
Leave a Comment
Your email address will not be published. Required fields are marked with *