المقاومة وعقيد الانتصار دراسة أنثروبولوجية في فكر الامام الخميني ومنهجه

 الدكتور احمد درويش

الحمد لله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم الدائم ، ( الملك الحق ) المبين ، المدبر بلا وزير ، ولا خلق من عباده يستشير، الأول غير موصوف ، الباقى بعد فناء الخلق ، العظيم الربوبية نور السماوات و الأرض { و الأرضين } ، وفاطرهما ومبتدعهما ، خلقهما بغير عمد ترونها ، وفتقهما فتقا ، فقامت السماوات طائعات بأمره ، و استقرت الأرض بأوتادها فوق الماء ، ثم علا ربنا فى السماوات العلى الرحمن على العرش استوى  والحمد لله الذي رزقنا  ووهبنا حب ومعرفة انبيك بني الرحمة محمد واهل بيته صلوات الله عليهم وبركاته. والحمد الله على نعمة العلماء الربانيين الصالحين امتداد مدرسة الحق والانبياء والاولياء والائمة الميامين الاتقياء.و الحمد الله حمداً لا انقطاع له. بما انعم علينا من نعمة العقل التي ميزنا بها عن سائر مخلوقاته، وجعله السر الذي به تصنع الحياة والحضارة الانسانية، وجعلنا بالعقل نتمكن من انتاج المعرفة والثقافة،  والحمد والشكر لله على توفيقه ان جعلنا من طلاب العلم والباحثين عن الحقيقة. ووفقنا لإنجاز هذا العمل .  اما بعد للشهداء والعلماء لاسيما صحب الذكرى الامام الخميني العظيم ومن سار على نهجه من القادة والشهداء العظماء لاسيما الشهيد مطهري والبهشتي وصولا للحاج سليماني والحاج ابي مهدي المهندس وسيد شهداء المقاومة الشهيد السيد حسن نصر الله  والى جميع شهداء امة حزب الله القرانية . كما اخص بالذكر سماحة استاذنا العارف بالله العبد الصالح  اية الله العظمى الشيخ محمد صالح الكميلي الخرساني . دامت بركاته والشكر الكبير والمحفوف بالدعاء لسيدنا وقائدنا  قائد جبهة الحق السيد الاماتم علي الحسيني الخامنئي  وباقي علمائنا الكرام.

المقدّمة:

تُعدّ المقاومة أحد أبرز المفاهيم المحورية التي شكّلت بُنية الوعي الجمعي في المجتمعات التي خَبِرت الاستعمار والهيمنة، غير أنها في التجربة الإسلامية المعاصرة – وخصوصًا في فكر الإمام الخميني – تجاوزت البُعد السياسي لتتجلّى كمنظومة معرفية وسلوكية ذات طابع وجودي وروحي. لقد قدّم الإمام الخميني رؤيةً نوعية للإنسان المقاوم، مستمدة من القرآن الكريم وتجارب الأنبياء والأئمة عليهم السلام، فجعل من الجهاد والممانعة طريقًا إلى الكمال الإنساني والتقرب إلى الله، لا مجرد وسيلة لتحصيل مكاسب مادية أو سياسية.

ومن منظور أنثروبولوجي، يكشف هذا البحث كيف تحوّل فكر الإمام الخميني إلى قوة رمزية-اجتماعية أطلقت ديناميات ثقافية جديدة في مجتمعات المسلمين، فأنتجت نماذج بشرية تتبنّى “عقيدة الانتصار” بوصفها أفقًا للوجود، حيث لا يُقاس النصر بثمراته الظاهرة فحسب، بل بمدى الالتزام بالتكليف الإلهي. هذه الرؤية الفريدة، التي دمجت بين الشهادة كقيمة عليا والانتصار بوصفه ناتجًا للوعي والتكليف، تمكّنت من صوغ مشروع حضاري مقاوم امتد أثره من إيران إلى فلسطين ولبنان والعراق واليمن، وأسّس لما يُعرف اليوم بمحور المقاومة.

ينطلق هذا البحث لتحليل الأسس الأنثروبولوجية لفكر الإمام الخميني في بناء هذه العقيدة، من خلال تتبّع المنطلقات الروحية والتاريخية والمفاهيمية، ورصد التحوّلات الاجتماعية التي أفرزها هذا الفكر في الواقع المعاصر، مستندًا إلى نصوص الإمام، والروايات الدينية، والخطابات المعاصرة للسيد الخامنئي وحسن نصر الله، بوصفهم استكمالًا لهذه المدرسة.

أولا : مفاهيم الدراسة

  1. المقاومة لغة: مُقاومة: اسم  مصدر قاومَ

وهي  صُعوبة تواجهُها قوَّة معيَّنة

  • مقاومة التجربة: المعارضة ورفض الخضوع لإرادة الغير[1]

المقاومة في لسان العرب  : من الجذر الثلاثي “قوم”، وقاوَمَه في المُصارَعة وغيرها،

  • المقاومة اصطلاحا: هي الممانعة و عدم الرضوخ لتغيرات و قوى مفروضة من الخارج ، وهي تنطوي على فعل نشط بطبيعة الحال.
  • وتعرف المقاومة على أنها:” حالة عملية، وسياسات، وأطراف، وسلوك ممتد. فالمقاومة

ليست أحداثا أو لحظات، بل هي فعل حضاري شامل ومستمر ومستقر ومتكامل، ومستقل في مواجهة التحديات والعدوان [2].

يرتبط تعريف الإمام الخامنئي لمفهوم المقاومة بـ 5 عناصر: اختيار الإنسان وإرادته، السير في الطريق الحق نحو الأهداف المتسامية وجود الموانع والعقبات في الطريق، عدم التوقف والانصراف عن مواصلة الطريق، وابتكار أسلوب عقلائي لتخطي العقبات.

يقول سماحته: “معنى المقاومة أن يختار الإنسان طريقاً يَعُدُّه الطريق الحق والطريق الصحيح ويسير فيه، ولا تستطيع الموانع والعقبات صدّه عن السير في هذا الدرب وإيقاف مسيرته. افترضوا مثلاً أنّ الإنسان يواجه في طريقه سيلاً أو حفرة، أو قد يواجه صخرة كبيرة في حركته في الجبال حيث يريد الوصول إلى القمة، البعض عندما يواجهون هذه الصخرة أو المانع أو العقبة أو السارق أو الذئب يعودون عن طريقهم وينصرفون عن مواصلة السير، أما البعض فلا ينظرون ويفكرون ما هو طريق الالتفاف على هذه الصخرة، وما هو السبيل لمواجهة هذه العقبة، فيجدون ذلك الطريق أو يرفعون المانع أو يتخطونه بأسلوب عقلائي[3].

  •  العقيدة : العقيدة لغةً : العقيدة في اللغة مأخوذة من الجذر “عقد”، ويُقال: عقد الحبل أي شدّه وأحكمه، والعقد ضد الحل، ومنه سُميت العقيدة لأنها ربط وإحكام لما يُعتقد به في القلب دون تردد أو شكّ. وقد جاء في “لسان العرب”: “العقيدة ما يدين الإنسان به، يقال: اعتقدت كذا أي عقدت عليه القلب والنية [4].

اصطلاحًا : تُعرّف العقيدة بأنها: “المعارف الإلهية التي يُعتقد بها عن وعي وبرهان، وتشكل الأساس في بناء منظومة الدين، كالتوحيد، والعدل، والنبوة، والإمامة، والمعاد [5]. ويؤكد علماء الشيعة أن العقيدة لا تُبنى على التقليد، بل على المعرفة والبرهان، كما يذكر الشيخ جعفر السبحاني [6].

في علم الاجتماع : يُنظر إلى العقيدة كإطار ذهني وثقافي يشكل وعي الإنسان، وهي بمثابة منظومة من المعتقدات التي تتولد عن التفاعل مع المؤسسات الاجتماعية والثقافية. فوفقًا لإميل دوركايم، تُعد العقائد جزءًا من البناء الجمعي الذي يمنح للمجتمع تماسكه وهويته[7].

في الفلسفة: العقيدة تُفهم على أنها جملة من القناعات العقلية التي تتصف بالثبات وتوجه السلوك البشري، وتختلف عن “الرأي” بكونها غير قابلة للتشكيك بسهولة. وقد ناقشها فلاسفة أمثال كانت وهيوم ضمن نطاق علاقة الإيمان بالعقل، ومشكلة التبرير الإبستيمولوجي للاعتقادات[8].

في الأنثروبولوجيا: ينظر علماء الأنثروبولوجيا إلى العقيدة باعتبارها أحد مكونات الدين كبنية ثقافية، ويحللونها من حيث وظيفتها في إنتاج المعنى وإعادة إنتاج النظام الاجتماعي. ففي أعمال كليفورد غيرتز، تُفهم العقيدة على أنها “نظام رمزي يُضفي واقعية كونية على تجربة الإنسان، ويشرعن بها سلوكياته ومشاعره”[9].

  • عقيدة الانتصار

تُشكّل عقيدة الانتصار في الفكر الإسلامي الثوري أساسًا مركزيًا لفهم الصراع بين الحق والباطل بوصفه صراعًا وجوديًا تتجاوز نتائجه حدود الزمن والمكان. فلا يُقاس النصر، في هذا السياق، بالغلبة العسكرية فحسب، بل يُفهم ضمن رؤية غائية، حيث يُعتبر الثبات على المبدأ، ورفض الخضوع للظلم، والتضحية في سبيل الله، من أسمى صور الانتصار الحقيقي[10]. وقد أعاد الإمام الخميني تأصيل هذا المفهوم عبر ربطه بالتكليف الإلهي، مؤكّدًا أن أداء الواجب بحد ذاته يُمثل نصرًا، حتى لو انتهى بالموت أو الأسر، ما دام الإنسان قد سار في طريق الله ولم ينكسر أمام الباطل[11]. ومن هذا المنطلق، تتحول الشهادة إلى ذروة الانتصار، لأنها تعبّر عن ذروة الوعي والاختيار والإيمان، لا عن الهزيمة أو الفشل السياسي[12].

  • الجهاد

 لجهاد لغةً: الجِهاد في اللغة مأخوذ من الجُهد أو الجَهد، وهو بذل الوسع والطاقة في دفع ما يُكره. قال ابن منظور في لسان العرب: “الجُهد والجَهد: الطاقة، وقيل: المشقة. والجهاد: استفراغ الوسع في مدافعة العدو، وهو من الجُهد في القتال، والاسم الجِهاد، والمصدر جاهد يجاهد جهادًا[13]. وقد أشار الفيروزآبادي أيضًا إلى هذا المعنى في القاموس المحيط، بقوله: “الجَهد والجُهد: الطاقة والمشقة، والجهاد: محاربة العدو، وهو بذل الوسع والطاقة في قتال الكفار[14]

تعريف الجهاد اصطلاحا :

يُعرَّف الجهاد في الفكر الإسلامي، وخصوصًا في مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)، بأنه بذل الوسع في سبيل الله تعالى لدرء الفساد، ودفع الظلم، وتحقيق العدالة، سواء كان ذلك بالسيف أو بالكلمة أو بأي وسيلة مشروعة، شريطة أن يكون تحت راية شرعية وبإذن الإمام المعصوم أو نائبه في زمن الغيبة. وينقسم الجهاد في التصنيف الفقهي الشيعي إلى قسمين رئيسين:

1. الجهاد الابتدائي (الطلبي): وهو القتال الذي يهدف إلى نشر دعوة الإسلام بعد إقامة الحجة، ولا يجوز في الفقه الإمامي إلا بإذن الإمام المعصوم (عليه السلام)؛ إذ يُعتبر الإمام هو القائد الشرعي الوحيد المخوّل بإعلان هذا النوع من الجهاد [15].

2. الجهاد الدفاعي: ويقصد به الدفاع عن بيضة الإسلام والمسلمين في حال تعرّضهم للعدوان، وهذا النوع لا يتوقف على إذن خاص، بل يصبح واجبًا على كل قادر ضمن دائرة التكليف، ويُعدّ من أهم مصاديق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر[16].

ويولي الفقه الشيعي أهمية بالغة للنية في الجهاد، حيث يُشترط أن يكون خالصًا لوجه الله لا لهوى دنيوي أو عصبية، وأن يكون الهدف منه إقامة القسط وتحقيق الكرامة الإنسانية، لا السيطرة أو القهر[17].

ثانيا :  الحياة الإنسانية واثنوجرافية* المقاومة: قراءة في منهج الإمام الخميني

إن الحديث عن الشخصيات العظيمة في التاريخ الإنساني هو في جوهره حديث عن القيم التي تتجسد في سلوكهم، والمبادئ التي تحوّلت من شعارات إلى نماذج حية. فمنذ بدايات الخليقة، مع خلق آدم (عليه السلام) وتكليفه بحمل الرسالة الإلهية، بدأ تاريخ الصراع بين مشروعين متقابلين: مشروع الحق الذي مثّله الأنبياء والأوصياء، ومشروع الباطل الذي قاده إبليس ومن تبعه من المستكبرين والطواغيت. وقد تجلى هذا الصراع في مختلف العصور، بأشكال متعددة، لكنه ظل يحتفظ بجوهره: صراع بين العبودية لله والعبودية للشهوة والهوى. في هذا السياق، تبرز قراءة أنثروبولوجية لمنهج الإمام الخميني (قدس سره) بوصفه امتدادًا حيًا لتلك السلسلة من المقاومات النبوية والإلهية، واستمرارًا لمشروع الإنسان الكامل الذي يسعى إلى تحرير الإنسان من كل أشكال الاستعباد، وتوجيهه نحو غايته الوجودية في معرفة الله.

1. لحظة التكوين الأولى: التأسيس للصراع بين الحق والباطل

تبدأ قصة الإنسان، كما يرويها القرآن الكريم، بلحظة الخلق الإلهي لآدم وتكليف الملائكة بالسجود له:

 “وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً” (البقرة: 30).  في هذه اللحظة، أعلن الله أن الإنسان ليس مجرد كائن مادي، بل خليفة لله في الأرض، حاملٌ لرسالته. غير أن رفض إبليس لهذا الأمر، كما في قوله تعالى:  “قالَ ما مَنَعَكَ أَلّا تَسجُدَ إِذ أَمَرتُكَ قالَ أَنا خَيرٌ مِنهُ خَلَقتَني مِن نارٍ وَخَلَقتَهُ مِن طينٍ” (الأعراف: 12)،

جاء ليؤسس لمنهج تمرّد على التكليف الإلهي، وتدشين مشروع مضاد لحركة الإنسان نحو الكمال. وقد توعّد إبليس بإضلال بني آدم، كما في قوله:  “لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ” (الأعراف: 16). من هنا تبدأ المواجهة التاريخية بين الإنسان والشيطان، وهي ليست مواجهة آنية بل صراع طويل يمتد عبر الزمان، ويتجدد بأشكال متعددة: فكرية، ثقافية، سياسية، واجتماعية. وهو ما عبّر عنه الإمام الخميني بوضوح حين قال:  “إن هذا الصراع بين الحق والباطل قديمٌ بقدم البشرية، وهو يتخذ وجوهًا جديدة في كل عصر، لكنه يبقى صراعًا بين العبودية لله والعبودية للطاغوت [18].

2. المشروع الإلهي: الإنسان ككائن غيبي يسعى نحو الكمال

في المنهج القرآني، الإنسان ليس فقط جسدًا يعيش في عالم المادة، بل كائن ذو بعد غيبي وروحي، مكلّفٌ بأن يبلغ الكمال في معرفة الله. وقد أكدت الروايات أن الإنسان إنما خُلق للعبادة، أي للمعرفة والطاعة:

عن الإمام الصادق (ع): “خلق الناس لكي يعرفوا، فإذا عرفوه عبدوه، وإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة من سواه [19]. وهنا وبعد ادم مواجهته وامتدت وتشكل الصراع بين الشيطان وبني ادام وشكلت هذا واقع من المواجهة والصراع وحسب الظروف الزمانية والمكانية. فنجح ابليس في ان يوقع الكثير من بني ادم في شراكه ويحرفهم عن بوصلة الحق وطريق الكمال .و لكن بالمقابل الله وانبيائه ورسله يواجهون تلك الشراك والفخاخ التي اعتمدها ابليس في التلاعب في وعي وروحية وسلب إرادة وفهم الحياة وهدفيتها من الفوز بالكمال بمعرفة الله . الى صناعة وهم الكمال المرتبط بالحياة الدنيا المادية المرتبط بتحقيق الكمال في اشباع اقصى ما يمكن من شهوات واهواء وملذات وان تتحول تلك الأمور هي الكمال الذي يسعى لبلوغه الانسان. ولتحقيق بلوغه لابد ان يتحقق بترير الوسائل وسحق الضعفاء وبناء القوة وبها يتحقق البقاء والفوز. وكانت تلك الوقائع هي هي نفسها منذ بدأ الصراع والى يومينا هذا وتجسد هذا الصراع ببروز جبهتين لا ثالث لهما. جبهة حق تتمثل بالأنبياء ومشروعهم الإلهي الذي يسعى الى ان يجعل الانسان حرا مختارا مريدا وعبدا فقط لله لا غيره. و لا يتحقق ذلك الى ان يعرف الانسان حقيقته وهدف وجوده وخلقه وهو ان يبلغ الكمال في معرفة الله. وان هذا الانسان هو ليس فقط كائن مادي بل هو كائن غيبي معنوية يتشكل من عوالم تجتمع في جسده وذاته. وانه موجود يعيش حياتين حياة الدنيا المادية وحياة الاخرة المعنوية الروحية وان رسالته وهدفية وجوديه واعماله التي يحققها ويضبطها وفق التكاليف الإلهية وسننيت  الغيب هي تجعله ينجح في بناء عوالمه في الاخرة.

في قبال مشروع جبهة الباطل التي مثلها الشيطان وجنوده من الجن والانس الذين شكلوا محورية الاتباع له ولمنهجه التخريبي لتلك الحياة والعوالم الاخرة في الاخرة. في سحبه الى مستنقع الطاعة المطلقة لإبليس ونفسه الامرة الخاضعة للشهوات والاهواء والرغبات. والسبيل لذلك الذي اعتمده الشيطان في اوليائه هو تضخيم حب الدنيا والغرق في وحل المادة. مقرننا الفوز في تحقيق الربح المادي والاستمتاع والانشغال خلف تحقيق ذلك واستضعاف الناس والتحكم به وابعادهم عن طريق الله وتوهيمهم طريق الكمال هو المنهج ونجح ابليس وجنوده من المستكبرين والطواغيت في استعباد الناس واظلالهم.وهذه الرؤية التوحيدية للإنسان تتعارض كليًا مع مشروع الشيطان، الذي يسعى إلى تحويل الإنسان إلى كائن مادي خاضع للشهوات والملذات، يرى سعادته القصوى في الاستهلاك والمتعة والهيمنة. ويعمد الشيطان، كما يقول القرآن، إلى تزيين الدنيا للناس: “زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ” (آل عمران: 14). إنها معركة على معنى الحياة، وعلى غاية الوجود، وعلى هوية الإنسان: هل هو عبد لله، أم عبد لشهوته؟ هل يقود العالم بمنظومة الحق، أم يستسلم لمنطق القوة والغلبة؟ هذه الأسئلة تشكل العمود الفقري لاثنوجرافية المقاومة كما طرحها الإمام الخميني، إذ يُعيد صياغة العلاقة بين الإنسان والسلطة، بين الدين والسياسة، بين الروح والمادة.

3. تطور مشروع المقاومة: من الأنبياء إلى الثورة الحسينية

لقد واجه الأنبياء والرسل على مرّ العصور تحديات كبيرة تمثّلت في الطغاة الذين سعوا إلى استعباد الناس، وتحويلهم إلى أدوات في خدمة مشاريعهم السلطوية. وقد رسم القرآن الكريم ملامح هذا الصراع من خلال قصص الأنبياء، حيث مثّل كل نبيّ مرحلة من مراحل الصدام مع الباطل. فالنبي نوح (عليه السلام) واجه مجتمعه الذي غرق في الطغيان والفساد، والنبي إبراهيم (عليه السلام) حطّم الأصنام وواجه النمرود، والنبي موسى (عليه السلام) تصدّى لأعتى طاغية في التاريخ، فرعون، الذي قال:  “أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى” (النازعات: 24).

وقد جسّدت هذه المواجهات نماذج حيّة من الرفض والمقاومة. فليست النبوة فقط بلاغًا نظريًا، بل فعل مقاوم للتاريخ المزيف، والسلطة الفاسدة، والهيمنة المادية.

ويبلغ هذا المشروع ذروته في النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، الذي جاء برسالة عالمية تتحدى الجاهلية السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وقد عبّر الإمام الخميني عن هذه الرؤية حين قال: “إن بعثة النبي محمد (صلى الله عليه وآله) لم تكن محض دعوة أخلاقية، بل كانت إعلانًا للثورة على الجاهلية، ولحرب شاملة على الظلم والطغيان”[20] .

لكن أخطر التحديات التي واجهت المشروع النبوي ظهرت بعد رحيل النبي الأكرم، عندما حاولت السلطة الأموية أن تصادر الدين وتحوله إلى غطاء لسلطة باطلة، وبدأ الانحراف يُقنّن باسم الإسلام. وهنا جاءت الثورة الحسينية لتشكّل اللحظة المفصلية في تثبيت منهج المقاومة بوصفها خيارًا إيمانيًا وعقائديًا.

كانت المواجهة وعبر مراحل التاريخ تتخذ وجوه عدة وأساليب للمواجهة فكان الأنبياء اعلنوا المواجه ومن خلال بذل اقصى مراحل الجهد والمقاومة في رفض قيم والنماذج أنماط الثقافة التي قدمها وفرضها الطواغيت كما صرح القران في كيف ان فرعون والنمرود وغيرهم من قريش عملية افساد الناس وابعادهم عن طريق الحق وكمالهم الحقيقي . وكلما اوغل الانسان في عمق منهج الطواغيت كلما سلبت ارادت الناس واستضعفوا وغرقوا في وحل الهيمنة والتطبيع مع الفساد والافساد. لذا كانت مقاومة الأنبياء والاوصياء من ائمة اهل البيت واضحة وامتدادهم الفقهاء. وقد سجله التاريخ لحظات مفصلية لهذا الصراع تمثلت بقصة موسى وفرعون. ورسول الله محمد صل الله عليه واله وسلم. وامير المؤمنين علي ابن ابي طالب والحسن. واللحظة المفصلية التي كادت ان تطفئ نور الله وتؤد مشروع الرسالة الإسلامية المحمدي. بتصدي بني امية لحكم المسلمين بنشر الظلمة والظلم والظلام. فما كان الا ان ينهض الامام الحسين عليه السلام . بحمل الأمانة الإلهية ويفديها بكل ما يملك  روحه وعياله وصحبه واخوته. وشكلت تلك اللحظة الفارقة منهجية ومحورية أسست لواقع ان المقاومة هي معنى أساسي من معاني بناء المشروع الإلهي وبثبيته وركنه الوثيق. في سبيل تحقيق المنجز وتثبيت البناء النماذجي لهوية وقيم ومنظومة الدين الروحية والمادية .

4.الإمام الحسين (عليه السلام): التأسيس المقاوم للهوية الإلهية

خرج الإمام الحسين (عليه السلام) في زمن كانت فيه الأمة تُساق إلى الذل، ويُراد لها أن تُطبّع مع الفساد، ويُفرض عليها طاغية كيزيد بن معاوية، لا يستحق حتى أن يُذكر بين المسلمين. فكان موقف الحسين (عليه السلام) إعلانًا واضحًا:  “إني لم أخرج أشِرًا ولا بَطِرًا، ولا مفسدًا ولا ظالمًا، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي” [21].

كانت هذه الثورة تأكيدًا أن المشروع الإلهي لا يمكن أن يُطمس، وأن مقاومة الظلم ليست خيارًا سياسيًا، بل واجبًا دينيًا. وقد عبّر الإمام الخميني عن عمق هذه الفكرة حين قال:

“كل ما لدينا هو من عاشوراء” [22].

بذلك أصبحت كربلاء رمزًا خالدًا للمواجهة بين خطين متضادين: خط الحسين، وخط يزيد. وتحوّلت إلى ميثولوجيا ثقافية دينية تُبنى حولها الهوية الشيعية المقاومة، وتُستعاد في كل عصر بلغة الزمان ووسائله.

5. الإمام الخميني: إحياء الأنثروبولوجيا الدينية للمقاومة

في العصر الحديث، كانت الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني محطة جديدة في استعادة هوية المقاومة. لقد فهم الإمام الخميني الصراع على أنه امتداد للصراع القرآني بين موسى وفرعون، والحسين ويزيد، والإسلام المحمدي الأصيل والإسلام الأمريكي. ولهذا قال: “إن مهمتنا أن نحفظ الإسلام المحمدي الأصيل من الإسلام الأمريكي، الذي لا يعرف إلا الطاعة للاستكبار”[23].

الخميني لم يكن مجرّد فقيه بل كان مهندسًا لمشروع حضاري يربط الإنسان بالله، ويعيد تعريف السياسة بوصفها وظيفة روحية. وبذلك أعاد صوغ الإنسان الشيعي لا كمجرد تابع طقوسي، بل كفاعل مقاوم يحمل مشروعًا وجوديًا. بحيث تجسد هذا المجهود العظيم الذي صاغه الامام الخميني بالتوكل والتسليم المطلق لله بل جعل العقيدة لصيقة للعمل. لان الخميني تمكن ومن خلال ارتباطه بالدرس والعلوم العرفانية ان يشكل نموذج ديني عملي جمع بين الظاهري والباطن. معززا فكرة ان الدين وتكاليفه لها ظاهرا وباطن. وان أي تكليف وعمل ممكن يقوم به الانسان معتمدا على احكام الشريعة في بعدها الفقهي التي تعتبر من انجز تكاليفه يجازى الاجر عند الله وان التكليف مقترن بالظاهر والمكلف غير معني به بأثره الباطني على حياته. لذا وطن الخميني منهجه على ثنائية أداء التكليف الظاهري والباطني وان التكاليف مثلما لها اثر بالظاهر لها اثر بالباطن . وربط ذلك بمنهج السنني الذي تناوله القران الكريم في قراءة حركة المجتمعات الإنسانية ومدى ارتباطها بالتكاليف الإلهية التي جاء بها الأنبياء وان خذلان الأنبياء وعدم أداء التكاليف بصورة توافق حقيقة الشريعة بظاهرها وباطنها يؤدي الى خسران والمجتمعات ودخولها الامتحان الإلهي بترك التكليف في نصرة والوقوف بجنب مشروع الله تارة عن جهل وأخرى عن عمد. او في الرضا بفعل الظالمين والركون للتل تحت شعار(ما لنا والسلاطين). هذا المنهج الذي عمقه الخميني في( تربية المجتمع تربية سننية)، في بيان ان المواقف المبدئية والاجتماعية في مواجهة الظلم والظالمين والمفسدين هي من المؤكد تحمل في طياته اثار حقيقية بينها القران في قصة عقل ناقة صالح التي بينت ان العاقر كان شخص واحد ولكن المجتمع الذي رضا والذي خذل هو من يحاب أيضا والراضي بفعل والساكت عن فعل المجرمين كلهم سيبتليهم الله بذنبهم. وهنا دعا الامام الخميني الى ان من أعظم السنن التي جاء بها مشروع الله هي حاكمية الدين والصالحين من الانبياء والاوصياء والاولياء والفقهاء. وهو الأصل في رفع مظلومية المجتمعات الانسانية وقطع يد المستكبرين. وهذا المطلب لا يتحقق الا بأن تستعد الامة وافراد المجتمعات الى المواجهة في تشخيص الحق واتباعه وتشخيص العدو واتخاذه عدوا ومعرفة الزمان والمكان المناسبة وأداء التكليف الشرعي ومواجهة الباطل .

وهنا قد تمكن الامام من قراءة خارطة الصراع تلك والسنن التاريخية والقرآنية في طبيعة حركة الأنبياء والاولياء في بناء المشروع الإسلامي واحياء المبادئ. واستنهاض الامة من وحل الخذلان والاستضعاف والهزيمة النفسية والروح الاستسلاميه. وأعلن وبينة ان لكل زمان معسكر للحق ومعسكر للباطل وان لكل منهما قائد وان معسكر الباطل وجبهته في عصرنا الحاضر هي (أمريكا والصهيونية) هي فرعون الزمان. وهي حامل راية الفساد والافساد وتطبيق مشروع الشيطان في اظلال الناس. لذا لابد ان تطرد أمريكا وتقطع يدها من الدول الإسلامية. وهذا يتم بالمقاومة والجهاد وتشكيل. وغير خيار المقاومة يعني الاستسلام. وان هذه المقاومة هي التي ستبث الحياة وتنعش جسد الإسلام وليشكل وينطلق وهج الحضارة الإسلامية. وتفرض نموذجها الحضاري المبني وفق منهج النبوة والامامة لأهل البيت عليهم السلام. وبعد تشخيص الباطل شخص المظلومية التي تتعرض لها المجتمعات الإسلامية في العالم وحتى غير الإسلامية من الشعوب المستضعفة. ابرز رأيه في ان على تلك الشعوب المقاومة والمواجهة والتضحية بالارواح والمال لتحقيق التحرر والاستقلال من هيمنة المستكبرين. بدأت وبعد انتصار الثورة الإسلامية وبناء الجمهورية الإسلامية في ايران وانتصار الشعب الإيراني وبأرآدة الله وإرادة الشعب وايمانه بمنهج الخميني الذي وضف وثبتة ان النصر مقترن (بنصرة الله والاخلاص لمشروعه ) وربط ذلك بمفهوم (الشهادة)، والتي بين ان الأصل في الحياة هي ان نحيا بكرامة وان تلك الكرامة لا تتحقق  الا مشروع الله. وتحقيق الرؤيا الإلهية التي أرادها في ان يسود العدل والحرية والايمان به تبارك وتعالى.

وبعد نهضته المباركة حركة أمريكا عميلها صدام لوأد الثورة والقضاء عليها ولكن الشعب الإيراني الذي نجح الاما في تعبئته بمنهج المقاومة وعشق الشهادة من مواجهة عدوان صدام واجباره على الرضوخ بنصر من الله . ولكن اثناء تلك الحرب المفروض على الجمهورية وكما ينقل كانت عين الامام مصوبة نحو العدو الحقيقي. وهو الصهيونية والتي كانت تهتك بحرمة الشعوب الإسلامية العربية في فلسطين وسوريا ولبنان. فشهدت الثورة الإسلامية في إيران، بقيادة الإمام الخميني، تحولًا جذريًا في البنية الرمزية والسياسية للوعي الشيعي، إذ لم تكتفِ بإسقاط نظام الشاه، بل أعادت إنتاج مفاهيم أساسية مثل “الانتظار”، و”الشهادة”، و”العدالة”، و”التمهيد”، وفق قراءة عملية حركية للعقيدة. وحين بادر النظام البعثي في العراق، بتحريض ودعم أمريكي وغربي، إلى شنّ حرب عدوانية على الجمهورية الإسلامية الفتية [24]. لم تكن المقاومة الإيرانية مجرد ردّ فعل دفاعي، بل كانت تعبيرًا عن مشروع حضاري يستبطن الوعي بالمواجهة الكونية بين الحق والباطل.

في هذا السياق، استطاع الإمام الخميني أن يعيد توجيه بوصلة الصراع نحو “العدو الحقيقي”، كما وصفه، ألا وهو الكيان الصهيوني، بوصفه تمظهرًا للهيمنة الغربية وأداةً لاختراق الجغرافيا الروحية والسياسية للعالم الإسلامي، لاسيما في فلسطين ولبنان وسوريا [25].

وسرعان ما التحقت بها جحافل المؤمنين المجاهدين بركب الامام الخميني والذي دعاهم وأعلن الاستعداد لنصرتهم وفعلا كان الامام قد دعم وسعى لتأسيس حركات المقاومة في فلسطين والبنان والعراق ومن قبل الثورة وما بعدها. بدأت فكرة المقاومة والجهاد تسري في عروق شباب الامة الذي أدركوا ان مهادنة وتطبيع العلاقات والاستسلام لا يجلب الخير للامة وان الحقوق لا تعطى بل تؤخذ. بحيث ان الامام واثناء تعرض الجمهورية لغزو صدام اللعين وبدعم دولي ضد الجمهورية الإسلامية ومقاطع دولية لها. وضعف التسليح والتجهيزات الحربية وكل ما تتطلبه المعركة. تمكن المجاهدون في الحرس والجيش الايراني توجيه بوصلتهم نحو العدو الحقيقي حيث بين الامام . “نحن لا نحارب صدام فقط، بل نحارب مشروعًا استكباريًا عالميًا تقف خلفه أمريكا وإسرائيل… ويجب أن تبقى أعيننا متيقظة إلى العدو الأصيل لا العدو الوكيل” [26].

لقد تحركت رؤية الإمام الخميني من مبدأ قرآني عميق: {إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعًا يستضعف طائفةً منهم} [القصص: 4]، إذ رأى أن الاستكبار العالمي يعيد إنتاج منطق الفراعنة التاريخيين، ويستخدم أدوات محلية ـ مثل صدام ـ لضرب الصحوة الإسلامية، تمامًا كما استخدم فرعون السحرة والملأ لتمرير هيمنته. ورغم ما كانت تعانيه إيران من ضعف في التسليح، والعزلة الدولية، والحصار الاقتصادي، تمكّن الحرس الثوري والجيش من تأسيس وحدات قتالية مثل “لواء محمد رسول الله”، والذي، بعد تجهيزه، عرض على الإمام الخميني أن يُرسل إلى الجبهات ضد صدام، ففاجأهم بطلب إرساله إلى لبنان لنصرة الشعب اللبناني ضد الاجتياح الصهيوني في 1982 [27].  كان هذا القرار تعبيرًا دقيقًا عن بصيرة الإمام في تشخيص العدو الحقيقي، الذي لا يتجسد فقط في المعتدي المباشر، بل في البنية الاستكبارية العالمية المتغلغلة في جسد الأمة.  “إن كل معركة نخوضها في أي جبهة، يجب أن تكون تمهيدًا لمعركة الأمة الكبرى ضد الاستكبار والصهيونية، ومن لا يفهم ذلك، لا يفهم طبيعة صراعنا” – الإمام الخميني [28].  

وهنا فعلا ان الامام كان على بصيرة من امره في تشخيص العدو الحقيق الأول من العدو الثانوي المتمثل بصدام. وهنا كانت المواجهة وبناء الذات المقاومة تنبثق من رحم فهم عميق للحياة والموت. وان مسعى المقاوم هو متحققا بالنصر المطلق وبحتمية ثابتة نابعة من رؤية الهدف الحقيقي من وجود وخلق الانسان في هذه الحياة. هو كمال معرفة الله والفناء به وان التضحية في سبيل الله ومشروعه ونصرة المستضعفين ورفع الظلم ومواجهة المستكبرين الظالمين هو يحقق تلك الغاية .ولكن هذا الفهم المختلف به ، هو ان النصر غير مرهون بالنتائج المادية بل هو متحقق بمجرد أداء الواجب الحق والالتزام بالتكليف في نصرة القضايا الحقة.

ثالثا : من الشهادة إلى بناء الإنسان المقاوم

الفهم الذي قدّمه الإمام الخميني لم يكن مقتصرًا على البعد السياسي، بل امتدّ إلى الأنثروبولوجيا الروحية للإنسان المسلم، حيث لا يُقاس النصر بالمكاسب المادية، بل بمدى تحقق الالتزام بالتكليف الإلهي. فالإنسان المقاوم هو ذلك الذي يدرك أن النصر يبدأ من لحظة امتثاله لأمر الله، لا من لحظة كسر العدو.

وهنا يقول الإمام الخميني:  “نحن مكلفون بالعمل، ولسنا مكلفين بالنتائج. النتائج بيد الله، وعلينا أن نقوم بما هو واجب علينا” [29].

هذا المعنى متجذر في المنطق القرآني: {وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم} [الأنفال: 10]، و{كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز} [المجادلة: 21]. وهو ما أسس لاحقًا لفهم جديد لمفهوم “الشهادة”، إذ لم تعد تُرى كفقد بل كـ “نصر روحي” و”ترقٍّ وجودي”، وهذا ما عبّر عنه السيد حسن نصر الله في خطاباته:

 “شهادتنا ليست خسارة، بل ولادة ثانية… والمجاهد الجريح في سبيل الله نال وسام الجهاد، والشهيد قد بلغ أسمى الانتصارات” [30] .

 لذا بين الامام اننا ملزمون بأداء الواجب وغير ملزمين بالنتائج فأن النتائج هي بيد الله تبارك وتعالى فقط. لذا فنجد المجاهدين في محور المقاومة الذين يستعدون للمواجهة هم مؤمنين بشكل قاطع بأنهم منتصرون. وذلك بنيل احدى الحسنين اما النصر المادي وفوز المشروع الإلهي ورجاله. اما الشهادة وهي نصر حقيقي يبلغه الانسان في انه يقع بين يدي الله باع روحه ونفسه لله وشرى اخرته . وحتى من يقع جريح فأنه أيضا يؤمن انه منتصر ونال وسام الجهاد في سبيل الله وحقق رضا الله. وكذلك الامة والمجتمع المقاوم الذي فهم أيضا ان النصر لا يتمثل بالفوز المادي فقد يخسر ويوغل العدو التدمير وبهمجية القتل المتوحش في الامة المقامة لكن الامة والمجتمع المقاوم يفهم ان النصر هو امتثال التكليف والطاعة لله مقرون بأن كل قطرة دم تقدمها المقاومة تصنع وعيا جارفا يوقظ سبات أبناء الامة وهذا ما قاله الامام (اقتلونا كما شئتم فأن شعبنا سيعي اكثر واكثر) وهنا ثبت الامام ان المقاومة ورمزية الشهادة تصنع وعيا وسيلا جارفا وتشكل قوة وتحدي بالصمود الأسطوري وهذا ما نشاهده اليوم لدى الشعب الإيراني في صموده ولدى الشعب الفلسطيني واليميني واللبناني والعراقي .كيف ان الدماء التي تقدم هي ليست خسارة وانما هي منارة تضيء عتمة ظلام المستكبرين وهي والمقاومة هي فكرة ارتبطت بالدم الحسيني الذي هدم عروش الطغيان وانتصرت على السيف.

  1. التمهيد لدولة الإمام المهدي: من الانتظار السلبي إلى صناعة الوعي المقاوم

لقد قدّم الإمام الخميني (قدس سره) قراءة تجديدية جذرية لمفهوم “الانتظار”، نازعًا عنه طابعه السكوني السلبي الذي كان قد ترسّخ في بعض الأوساط الشيعية، وحوّله إلى “انتظار إيجابي حركي” يفرض على الأمة مسؤولية “التمهيد الواقعي” لظهور الإمام المهدي (عج). وهو ما أكّده بقوله:  “إننا ننتظر إمامًا سيملأ الأرض قسطًا وعدلًا، وهذا الانتظار لا يعني أن نبقى في الزوايا ننتحب ونبكي، بل أن نُعدّ العدّة ونواجه الظلم، ونهيّئ الأرضية لذلك الظهور المبارك” [31].

كما ارتبط مشروع الامام الخميني بمشروع الامام المهدي وان ذلك كل ما قدمه الامام الخميني هو لأجل التمهيد لدولة العدل الإلهي. بقيادة الامام صاحب الزمان ونجح الامام ان يحول الفكرة ومنهجية قراءة الروايات واخبار الظهور المقدس بقراءة عملية تحليلية حركية من خلال بناء وعي بمفهوم الانتظار الإيجابي الذي يقوم على تمهيد الأرضية المناسبة لظهور الامام مستعينا بخارطة حركة الامام التي نصت عليها اخبار اهل البيت و جعل الامام ومن بعدها السيد القائد الامام الخامنئي ان خارطة حركة الامام وفق الاخبار لابد ان نؤسس لها بيئات مستعدة لنصرة قضية الامام المهدي ورافضة للظلم والمستكبرين. فعمل لتشكيل محور المقاومة الذي بات اليوم يشكل مشروع تتكسر وتتهدم عنده كل مشاريع الاستكبار في التمدد بالهيمنة واستغلال الشعوب واستعبادها. وحتى بتنا اليوم نفهم كيف يمكن ان تكون بعض الحقائق التي تكلمت بها الاخبار عن المؤمنين الممهدين للإمام قلوبهم كزبر الحديد لا يهابون الموت والجوع والعطش في سبيل نصرة مشروع الله والامامة والولاية. وهذا ارتبط مشروع الامام المهدي المنتظر وهدفية شعاراته العالمية الحضارية التي تخاطب وجدان البشرية في كشف حقيقة زيف شعارات الحضارة الغربية الليبرالية المتوحشة في انها تعتمد استغلال الشعوب وثرواتهم والهيمنة على ارادتهم والتحكم بهم ومنع مظاهر الايمان ومحاربة الأديان وتذويبها في بودقة العولمة الرأسمالية ونموذجها الحضاري.

هذا التحول المفاهيمي هو في جوهره تحول أنثروبولوجي، لأنه أعاد تشكيل صورة “الإنسان الشيعي”، لا ككائن مُنتظر للخلاص، بل كمُنتج له. وهو ما انسجم مع الرؤية القرآنية التي تجعل من مسؤولية الإنسان إقامة القسط:{لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط} [الحديد: 25].

هنا يظهر كيف أن “الانتظار” لم يعد انتظار شخص، بل انتظار “مشروع إلهي” يتحقق بتهيئة الذات والمجتمع، وهو ما كرّسه السيد القائد علي الخامنئي حين قال:  “إن كل خطوة تُتخذ ضد الظالمين، وكل بناء لعدالة، وكل مقاومة ضد الغطرسة، هي تمهيد حقيقي لظهور الإمام المهدي، وعلامة على صدق انتظارنا له” [32].

لقد دفع هذا التحول إلى إعادة بناء البيئة الثقافية والاجتماعية والسياسية في إيران وخارجها، وفق رؤية تقاوم الظلم وتؤسس لثقافة الرفض، وتهيئ مجتمعات “مُمهدة”، تمتلك قابلية الاستجابة لنداء الإمام المنتظر، وهذا ما أسماه السيد حسن نصر الله بـ”بيئة النصرة”:  “نحن نعيش في محور المقاومة بيئة تمهّد عمليًا لدولة الإمام المهدي، فكل تضحياتنا، وكل دمائنا، وكل صبرنا هو جزء من هذا المشروع الإلهي الكبير”[33].

وهكذا تحولت المقاومة من مجرد رد فعل دفاعي إلى خيار استراتيجي لبناء الإنسان المنتظِر، الإنسان الذي “قلبه كزبر الحديد”، كما ورد في روايات أهل البيت:  عن الإمام الصادق عليه السلام: “إذا قام القائم خرج من هذا الأمر من كان يرى أنه من أهله، ودخل فيه شبه عبد الشمس، حتى أن الرجل ليكون يظن أن قلبه أشد من زبر الحديد فيصير كأشد من زبر الحديد” [34].

هذا النموذج الإنساني المقاوم هو القادر على خوض المواجهة الوجودية مع الاستكبار العالمي، وهو ما يتجلّى اليوم في ثبات المجتمعات التي تشكل محور المقاومة في إيران، فلسطين، اليمن، لبنان، العراق، وسوريا.

و لقد أرسى الإمام الخميني أسس مشروع عالمي يرتبط عضوياً بالمهديّة كمفهوم، وبالمقاومة كوسيلة، وبالشهادة كأفق روحي، وببناء الإنسان كهدف. هذا المشروع هو ما صار يُعرف بمحور المقاومة، الذي يمثّل اليوم العقبة الأكثر صلابة أمام مشاريع الهيمنة والعولمة الرأسمالية التي تهدف إلى تفكيك الهويات ومحو الإيمان. وإن كل دمعة، وكل شهادة، وكل خطاب في هذا السياق، ليس مجرد فعل رمزي، بل هو مساهمة وجودية في تشكيل خارطة العالم المنتظِر للعدل الإلهي.

  • المواجهة الحضارية بين مشروع المقاومة ومشروع الهيمنة الغربية

في عمق المشروع الفكري للإمام الخميني، نجد تشخيصًا دقيقًا لطبيعة الصراع مع “الاستكبار العالمي”، لا بوصفه صراعًا عسكريًا فحسب، بل بوصفه صراعًا حضاريًا وجوديًا. لقد أدرك الإمام أن الهيمنة الغربية الليبرالية، بما تحمله من قيم مادية استهلاكية، تسعى إلى إعادة تشكيل العالم وفق نموذجها الحداثي الذي يقوم على تفكيك الهويات الدينية، تهميش الإيمان، واستعباد الشعوب من خلال الاقتصاد والثقافة والإعلام.

 وقد عبّر الإمام عن هذا بقوله:

 “الغرب لا يعادي الإسلام لأنه لا يفهمه، بل لأنه يعرف خطره الحضاري. إنهم لا يريدون لنا أن ننهض، لأن الإسلام إذا عاد، ستنهض الإنسانية كلها ضد الظلم والرأسمالية الجشعة”[35]. ومن هنا فإن مشروع الإمام لم يكن مجرد مشروع سياسي أو فقه سلطوي، بل كان مشروعًا حضاريًا شاملًا يواجه الغزو الثقافي الغربي، كما قال:  “يجب أن نحارب الغزو الثقافي الذي هو أخطر من الغزو العسكري. إنهم يريدون لنا أن ننسى الإسلام، وأن نُذيب أبناءنا في حضارتهم الزائفة” [36].  وقد كان القرآن الكريم قد أشار إلى هذا النوع من المواجهة في قوله تعالى: {ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا} [البقرة: 217].

  • العولمة كخطر على الإيمان والهوية :

 ما يسمى بـ”العولمة” لم يكن – في نظر الإمام – إلا أداة لتعميم القيم الليبرالية الغربية التي تفصل الدين عن الحياة، وتحصر الإنسان في دائرة اللذة والمنفعة، وهو ما يخالف جوهر الإنسان كما خلقه الله. فالإمام يرى أن الإنسان قد خُلق لبلوغ الكمال الإلهي، لا ليكون أداة استهلاك.

وهذا ما عبّر عنه بقوله:  “الحرية في المنظومة الغربية ليست إلا حرية البهائم، بينما الحرية في الإسلام هي تحرر من عبودية الهوى والنفس والغرب، وهي سعي نحو الكمال والعبودية لله” [37].

 وتتجلى هذه المفارقة بوضوح في الصراع بين المقاومة التي تربي أتباعها على الموت من أجل الحق، وبين الحضارة الغربية التي تربي الإنسان على أن يعيش من أجل المتعة، حتى لو فقد شرفه وهويته. المقاومة كمنظومة حضارية  في مقابل هذه الهيمنة الغربية، أسّس الإمام الخميني لمنظومة “المقاومة”، لا فقط كممارسة قتالية، بل كمشروع حضاري بديل، يقدّم نموذجًا جديدًا للإنسان الذي يعيش في سبيل الله، ويقاتل دفاعًا عن الحق، ويصوغ عالمه وفق مفاهيم العدالة والتوحيد.

وقد شكّل هذا المشروع، من خلال “محور المقاومة”، نواة حضارية قادرة على التوسع والتأثير في العالم، بل وأصبحت في وعي الشعوب نموذجًا للكرامة والصمود، كما قال السيد حسن نصر الله:  “نحن اليوم لا ندافع فقط عن أرض، بل عن كرامة، عن هوية، عن مشروع بديل لحضارة الاستهلاك والميوعة التي يريدون فرضها على شعوبنا”[38].

وقد عبّرت بعض الروايات عن هذه الحالة في آخر الزمان، حين يظهر قوم يحملون صفات استثنائية:

 عن أمير المؤمنين عليه السلام: “رجال لا ينامون الليل من خشية الله، كأن قلوبهم زبر الحديد، يبايعون الإمام بين الركن والمقام، لا يفرّون من الموت، ولا يشتهون الحياة” [39].

 لقد وضع الإمام الخميني أساسًا لمشروع عالمي يواجه الليبرالية الغربية بمنظومة حضارية متكاملة، تقوم على الإيمان، والتكليف، والشهادة، وبناء الإنسان. وقد نجح هذا المشروع – كما نشهده اليوم – في خلق جبهة حضارية مقاومة تشمل الشعوب، وتواجه الاحتلال والهيمنة والغزو الثقافي، وتحمل في شعاراتها نفس النَّفَس الحسيني، الذي قال فيه الحسين عليه السلام: “ألا وإن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين، بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة”[40] .

إنها مواجهة شاملة بين “حضارة التوحيد والمقاومة” و”حضارة الهيمنة والاستهلاك”، بين “إنسان الله” و”إنسان السوق”، بين مجتمع الشهداء ومجتمع اللذة، وهي التي ستنتهي – بحتمية قرآنية – بانتصار الحق:

{ونريد أن نمنّ على الذين استُضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين} [القصص: 5].

قائمة المصادر

       *القران الكريم

  1.   رفقة نبيل مطلق شقور،أثر حزب الله في تطوير فكر المقاومة وأساليبها في المنطقة العربية، رسالة ماجستير تقدم بها الى في التخطيط والتنميةالسياسية بكلية الدراسات العليا في جامعة النجاح الوطنية بنابلس، فلسطين، 2009.
  2. ابن منظور، لسان العرب، مادة “عقد”، دار صادر، بيروت، ج10.
  3.    الشيخ الطوسي. الاقتصاد في الاعتقاد. قم: مؤسسة النشر الإسلامي، 1997.
  4. جعفر السبحاني،  الإلهيات على هدى الكتاب والسنة والعقل، ج1، قم: مؤسسة الإمام الصادق، 1422هـ، .
  5. مرتضى مطهري، الملحمة الحسينية، ج2، طهران: دار صدرا، 2001.
  6. روح الله الخميني، الجهاد الأكبر (جهاد النفس)، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، ط2، بيروت، 2010.
  7. علي الخامنئي، دروس في معرفة الإمام الحسين (ع)، مؤسسة البحوث والدراسات الثقافية، ط1، قم، 2018.
  8. ابن منظور، لسان العرب، مادة (جهد)، دار صادر، بيروت، ج3.
  9. الفيروزآبادي، القاموس المحيط، مادة (جهد)، دار الفكر، بيروت، 1998م.
  10. الشيخ الطوسي، التهذيب، ج6؛ انظر أيضًا: العلامة الحلي، تحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية، ج1.
  11. السيد محمد باقر الصدر، الفتاوى الواضحة، ص475؛ وانظر: السيد الخوئي، منهاج الصالحين، ج1.
  12.   الشيخ المفيد، المقنعة، ص266؛ وانظر: العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج100.
  13. تتميز الأثنوجرافيا بتركيزها على الخبرة المعاشة، وتُعنى بتفكيك المعاني التي يضفيها الناس على سلوكهم وممارساتهم اليومية، كما تسعى لفهم الأنظمة الرمزية، والبنى الاجتماعية، والعلاقات الاقتصادية والسياسية ضمن سياقاتها المحلية.
  14. الإمام الخميني، السيد روح الله الموسوي ،الأربعون حديثاً، ترجمة: الشيخ محمد محمدي الريشهري، دار التعارف للمطبوعات، بيروت، لبنان، 2000م.
  15.   محمد بن يعقوب الكليني ، الكافي، تحقيق: علي أكبر الغفاري، دار الكتب الإسلامية، طهران، الجمهورية الإسلامية الإيرانية، 1407هـ، ج1.
  16. روح الله الخميني الموسوي ، صحيفة الإمام: مجموعة كلمات وخطب ورسائل الإمام الخميني (قده)، إعداد وتصحيح: مؤسسة تنظيم ونشر تراث الإمام الخميني، طهران، إيران، 1999م، ج3.
  17. الحسن بن علي ابن شعبة الحراني، ،تحف العقول عن آل الرسول، تحقيق: علي أكبر الغفاري، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم المقدسة، إيران، 1404هـ.
  18.   السيد الخامنئي، في ظلال الجهاد والمقاومة، مركز المعارف، ط2، 2010.
  19. لإمام الخميني، الصحيفة السجادية، مجموعة آثار الإمام الخميني ، مؤسسة تنظيم ونشر تراث الإمام الخميني، قم، ط2، 2000م ج 15.
  20.   الإمام الخميني، الكلمات القصار، منشورات دار الإسلام، ط5.
  21. الشيخ نعيم قاسم، حزب الله: من النشوء إلى الانتصار، دار الهادي، بيروت، ط3، 2007.
  22.   الإمام الخميني، وصيتي السياسية الإلهية، مؤسسة تنظيم ونشر تراث الإمام.
  23.  السيد حسن نصر الله، خطاب عاشوراء، 10 محرم 1442هـ، موقع المقاومة الإسلامية.
  24.   السيد علي الخامنئي، الصحوة الإسلامية والتمهيد لظهور الإمام المهدي، مركز المعارف، بيروت، ط1، 2014،.
  •   الكليني، الكافي، دار الكتب الإسلامية، طهران، مطبعة الحيدرية، 1363 هـ ش ج8، باب ما يكون عند قيام القائم.
  • الإمام الخميني، الصحوة الإسلامية والغزو الثقافي، مؤسسة تنظيم ونشر تراث الإمام، ط3، 2000.
  • الإمام الخميني، الحرية في الإسلام والغَرب، مؤسسة تنظيم ونشر تراث الإمام، ط2، 1998.
  •   السيد حسن نصر الله، خطاب الانتصار في تموز 2006، قناة المنار.
  •  الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة،  دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان ، باب.
  •   الشيخ الطوسي، التهذيب، ، المحقق: السيد حسن الموسوي الخرسان ج6، الناشر: دار الكتب الإسلامية ، الطبعة الرابعة سنة النشر:  طهران 1365 هـ ش (ما يعادل 1986 م تقريبًا)  ص 120، خطبة الإمام الحسين يوم عاشوراء.

المصادر الأجنبية

  • Durkheim, Émile. The Elementary Forms of the Religious Life. New York: Free Press, 1995, p. 44.
  • Audi, Robert. Epistemology: A Contemporary Introduction to the Theory of Knowledge. London: Routledge, 2003, pp. 203-209.
  • Geertz, Clifford. The Interpretation of Cultures. New York: Basic Books, 1973, p. 90.

الروابط

  • كميل باقر زادة ،نظرية المقاومة في فكر الإمام الخامنئي إنّ مسؤوليّة المعنيين بالشأن التربوي تعزيز التربية الفطرية المقاومة لدى الإنسان، وتوجيهها وصونها في مقابل الهجمات التي تخدش الفطرة السليمة بحث منشور ،   https://www.almayadeen.net/arts-culture
  • [1] https://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%88%D9%85%D8%A9/?utm_
  • السيد حسن نصر الله، خطاب يوم القدس العالمي، 23 رمضان 1440هـ، موقع قناة المنار. https://almanar.com.lb/10869498

[1] https://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%88%D9%85%D8%A9/?utm_

[2]  رفقة نبيل مطلق شقور،أثر حزب الله في تطوير فكر المقاومة وأساليبها في المنطقة العربية، رسالة ماجستير تقدم بها الى في التخطيط والتنمية

السياسية بكلية الدراسات العليا في جامعة النجاح الوطنية بنابلس، فلسطين، 2009، ص16.

[3] .كميل باقر زادة ،نظرية المقاومة في فكر الإمام الخامنئي إنّ مسؤوليّة المعنيين بالشأن التربوي تعزيز التربية الفطرية المقاومة لدى الإنسان، وتوجيهها وصونها في مقابل الهجمات التي تخدش الفطرة السليمة بحث منشور ،   https://www.almayadeen.net/arts-culture

[4]  ابن منظور، لسان العرب، مادة “عقد”، دار صادر، بيروت، ج10، ص252.

[5]   الشيخ الطوسي. الاقتصاد في الاعتقاد. قم: مؤسسة النشر الإسلامي، 1997، ص 11.

[6] جعفر السبحاني،  الإلهيات على هدى الكتاب والسنة والعقل، ج1، قم: مؤسسة الإمام الصادق، 1422هـ، ص 20-22.

[7] Durkheim, Émile. The Elementary Forms of the Religious Life. New York: Free Press, 1995, p. 44.

[8] Audi, Robert. Epistemology: A Contemporary Introduction to the Theory of Knowledge. London: Routledge, 2003, pp. 203-209.

[9] Geertz, Clifford. The Interpretation of Cultures. New York: Basic Books, 1973, p. 90.

[10]  مرتضى مطهري، الملحمة الحسينية، ج2، طهران: دار صدرا، 2001، ص 113.

[11] روح الله الخميني، الجهاد الأكبر (جهاد النفس)، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، ط2، بيروت، 2010، ص 46.

[12]  علي الخامنئي، دروس في معرفة الإمام الحسين (ع)، مؤسسة البحوث والدراسات الثقافية، ط1، قم، 2018، ص 90.

 [13]  ابن منظور، لسان العرب، مادة (جهد)، دار صادر، بيروت، ج3، ص144.

[14] الفيروزآبادي، القاموس المحيط، مادة (جهد)، دار الفكر، بيروت، 1998م، ص739.

[15] الشيخ الطوسي، التهذيب، ج6، ص139؛ انظر أيضًا: العلامة الحلي، تحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية، ج1، ص378.

[16]  السيد محمد باقر الصدر، الفتاوى الواضحة، ص475؛ وانظر: السيد الخوئي، منهاج الصالحين، ج1، ص359.

[17]  الشيخ المفيد، المقنعة، ص266؛ وانظر: العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج100، ص8.

*  الأثنوجرافيا هي منهج بحثي نوعي مركزي في علم الأنثروبولوجيا، يهدف إلى فهم الحياة الاجتماعية والثقافية من منظور الأفراد والجماعات أنفسهم. تعتمد الأثنوجرافيا على الملاحظة المباشرة، والمشاركة الميدانية، وإجراء المقابلات المفتوحة، وتسجيل اليوميات والأنشطة الحياتية، بهدف بناء وصف شامل ومعمّق لثقافة أو مجتمع معين.

تتميز الأثنوجرافيا بتركيزها على الخبرة المعاشة، وتُعنى بتفكيك المعاني التي يضفيها الناس على سلوكهم وممارساتهم اليومية، كما تسعى لفهم الأنظمة الرمزية، والبنى الاجتماعية، والعلاقات الاقتصادية والسياسية ضمن سياقاتها المحلية.

[18] الإمام الخميني، السيد روح الله الموسوي ،الأربعون حديثاً، ترجمة: الشيخ محمد محمدي الريشهري، دار التعارف للمطبوعات، بيروت، لبنان، 2000م، ص52.

[19]   محمد بن يعقوب الكليني ، الكافي، تحقيق: علي أكبر الغفاري، دار الكتب الإسلامية، طهران، الجمهورية الإسلامية الإيرانية، 1407هـ، ج1، ص145.

[20]  روح الله الخميني الموسوي ، صحيفة الإمام: مجموعة كلمات وخطب ورسائل الإمام الخميني (قده)، إعداد وتصحيح: مؤسسة تنظيم ونشر تراث الإمام الخميني، طهران، إيران، 1999م، ج3، ص456.

[21] الحسن بن علي ابن شعبة الحراني، ،تحف العقول عن آل الرسول، تحقيق: علي أكبر الغفاري، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم المقدسة، إيران، 1404هـ، ص245.

[22]  روح الله الخميني ،صحيفة الإمام، مصدر سابق ،ج21، ص86

[23]  روح الله الموسوي الخميني ،صحيفة الامام ، مصدر سابق ،  ج21، ص89

[24]   السيد الخامنئي، في ظلال الجهاد والمقاومة، مركز المعارف، ط2، 2010، ص 55.

[25] لإمام الخميني، الصحيفة السجادية، مجموعة آثار الإمام الخميني ، مؤسسة تنظيم ونشر تراث الإمام الخميني، قم، ط2، 2000م ج 15، ص 220.

[26]  الإمام الخميني، الكلمات القصار، منشورات دار الإسلام، ط5، ص 199.

[27]  الشيخ نعيم قاسم، حزب الله: من النشوء إلى الانتصار، دار الهادي، بيروت، ط3، 2007، ص 87.

[28]  نفس المصدر السابق، ص 91.

[29]  الإمام الخميني، وصيتي السياسية الإلهية، مؤسسة تنظيم ونشر تراث الإمام، ص 45.

[30] السيد حسن نصر الله، خطاب عاشوراء، 10 محرم 1442هـ، موقع المقاومة الإسلامية.

[31]  الإمام الخميني، الكلمات القصار، مصدر سابق، ص 210.

[32]  السيد علي الخامنئي، الصحوة الإسلامية والتمهيد لظهور الإمام المهدي، مركز المعارف، بيروت، ط1، 2014، ص 33.

[33]  السيد حسن نصر الله، خطاب يوم القدس العالمي، 23 رمضان 1440هـ، موقع قناة المنار. https://almanar.com.lb/10869498

[34]  الكليني، الكافي، دار الكتب الإسلامية، طهران، مطبعة الحيدرية، 1363 هـ ش ج8، ص 66، باب ما يكون عند قيام القائم.

[35] الإمام الخميني، الصحوة الإسلامية والغزو الثقافي، مؤسسة تنظيم ونشر تراث الإمام، ط3، 2000، ص 61.

[36]   المصدر نفسه، ص 85.

[37]  الإمام الخميني، الحرية في الإسلام والغَرب، مؤسسة تنظيم ونشر تراث الإمام، ط2، 1998، ص 27.

[38]  السيد حسن نصر الله، خطاب الانتصار في تموز 2006، قناة المنار.

[39]   الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة،  دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان،ص 652، باب 57.

[40]  الشيخ الطوسي، التهذيب، ، المحقق: السيد حسن الموسوي الخرسان ج6، الناشر: دار الكتب الإسلامية ، الطبعة الرابعة سنة النشر:  طهران 1365 هـ ش (ما يعادل 1986 م تقريبًا)  ص 120، خطبة الإمام الحسين يوم عاشوراء.

المنشورات الأخرى

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked with *

المنشورات الأخيرة

المحررون

الأكثر تعليقا

المقاطع المرئية