العلاقة بين مفهوميّ النصر والفتح القرآنيّ

دراسة تفسيريّة في الآثار المنعكسة على مشروع الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة

الباحث- الشيخ حيدر كاظم جاسم العريضي/ ماجستير تفسير وعلوم القران

موبايل- 07807521037

أميل- haider.katem@gmail.com

مقدمة

يستعمل القرآن الكريم مفهوميّ “النصر” و”الفتح” بمعنى متقارب، وبينهما علاقة منطقيّة نابعة من دلالتهما الخاصّة بهما، والتّي تبرز في سياقات الآيات المباركة، فمفهوم “النصر” في القرآن الكريم قد يُشير في بعض آياته إلى دلالة معونة الله سبحانه وتأييده لعباده، خاصّةً عند تحقيقهم للانتصارات في معاركهم، أو الظفر في مجالات الحياة المتعددة، وكما قد يُعبّر عن فوزٍ برصيدٍ معنويٍّ أو ماديّ، ويُعد هذا الإنجاز من مظاهر إثبات قدرة الله تعالى في تحقيق إرادته، وهو ما يُميّز الحضارة الإسلاميّة عن الماديّة الوجوديّة التّي تقتصر عدّ النصر في المجالات الماديّة دون سواها.

أمّا مفهوم الفتح في القرآن الكريم فيُقصد من استعماله غالبًا شموله للفتحِ العسكريّ على أرض الواقع، أو قد يُقصد منه نصرٌ قاهرٌ يُحقّق فيه المسلمون انتصارًا معنويّاً بتمكين البلاد على براثن الشرك والضلال، وهو مما يُشير إلى تحقيق غايةٍ أو هدفٍ رساليٍّ معيّن، ويُعد من علامات النصر الإلهيّ لعباده وتأييدهم على الظالمين.

يظهر مما تقدّم أنّ العلاقة بين مفهومي “الفتح” و”النصر” تتضمن النسبة المنطقيّة بناءً على أساس تقديم المقدمة على النتيجة، فالنصر العسكريّ الماديّ قد يكون مقدمةً للفتح كنتيجةٍ طبيعيّةٍ للفئة المنتصرة؛ لأنّ مفهوم “الفتح” يكون غالبًا نوعًا من أنواع مفهوم “النصر” القرآنيّ، وهو النصر الماديّ الظاهر للعيان الذّي يُعبّر عن انتصارٍ كامل، وقد لا يستتبع النصر فتحاً عسكريّاً كما قد يحصل في الجهاد الدفاعيّ عن حياض المسلمين. أمّا فيما يتعلّق بمفهوم “النصر” المعنويّ، فيشمل بمضمونه النصر الروحيّ والرساليّ، كما يتجلّى في قهر النفس وترويضها، أو يشمل التمكين في الأرض بهداية الناس إلى دين الحقّ، أو نصرة الدين ضد دعاوى المبطلين. وقد يقترنا في المعنى ويحقّقا الغاية الالهيّة معاً في إثبات قدرة الله تعالى وصدق وعده لعباده المؤمنين.

إنّ الغرض من هذا البحث المقتضب هو بيان مستوى العلاقة بين المفهومين في تلاقيهما وتباينهما، ففي السياق القرآنيّ يظهر أنّ “الفتح” يُستعمل غالبًا كعلامة على النصر سواء أكان ماديّاً أم معنويّا، ويأتي بعده بشرى بالتمكين والانتصار، مما يتبيّن أنّ الفتح هو نتيجةٌ أو علامةٌ على النصر الإلهيّ، فالفتحُ بعمومه هو نوعٌ من النصر، وهو غالبًا ما يُقصد به الفتح الماديّ أو العسكريّ كعلامةٍ على تحقّق النصر وسقوط الموانع.

مما أمكن حل اشكاليّة العلاقة بين المفهومين، إذ أنّ النصر هو مفهوم واسع يشمل النجاح في الأمور الدينية والدنيوية، ويُعبّر عن معونة الله وتأييده لعباده، وبالتالي، يمكن القول: إنّ الفتح هو أحد صور النصر، وهو مدلول خارجيّ واضح، بينما يكون الفتح أعمّ سواء أتحقّق النصر أم بدونه، ويشمل كل أنواع التمكين والتأييد الإلهيّ، سواء أكانت ظاهرة أم باطنة.

وبناءً عليه يمكنني تقسيم البحث إلى مطلبين هما:

المطلب الأوّل- دلالة مفهومي النصر والفتح على الإنجاز الماديّ

المطلب الثّاني- دلالة مفهومي النصر والفتح على الرقيّ المعنويّ

وتظهر غاية البحث من خلال انطباق الدلالتين على أحداث هذا الزمان، فيتبيّن مدى انعكاس أثرهما على المشروع المبارك للإمام الخمينيّ بإقامة الدولة الإسلاميّة في أيران، ودور القائد الخامنئي في إدامة هذا المشروع وتحقيق أهدافه ضمن التخطيط الالهيّ في التمهيد لإقامة دولة الحقّ المطلق.

مبحث- العلاقة بين مفهوميّ النصر والفتح القرآنيّ

استهلال

لابد من تقديم دراسة دلاليّة حول مفهوميّ “الفتح” و”النصر” في اللغة العربيّة وأهل الفن قبل الشروع بهذا المبحث بمطلبيه.

 في اللغة يكون المعنى الأساسيّ لمادّة (نصر) هو: العون والمساعدة، وقد ذهب إليه عدد من علماء اللغة عندما تعرّضوا لبيان القصد من كلمة “نصر” في معاجمهم. فمنهم مثلًا يقول ابن منظور في معناه: “أنّ (النصر) هو إعانة المظلوم، نصره على عدوّه ينصره ونصره ينصر نصرًا، … والاسم النُّصرة… والأنصار أنصار النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله غلبت عليهم الصفة فجرى مجرى الأسماء… وتناصروا، أي: نصر بعضهم بعضًا”[1].

مما يتحصّل من خلال التأمّل في موارد الاستعمال القرآنيّ لهذه المفردة بالحدّ الأدنى، يجد المتتبع أنّ الأصل فيها هو تقديم العون لتحقيق هدفٍ والوصول إلى غايةٍ ولو في صورة المغالبة والخصام، فإذا تحقّقت هذه الغاية وأثمرت النصرة والمساعدة ثمرتهما قيل عن هذه الحالة الحادثة بالنتيجة التّي تترتّب عليهما بمصطلح (نصرًا) بدل أن يُقال غلبة أو ظفرًا أو ما شابههما من الكلمات التّي قد تفيد هذا المعنى[2].

من خلال التمييز النحاة ما بين المصدر (نصر-انتصار) وما بين اسم المصدر (النصر-الانتصار) من حيثُ الدلالة ومقاصد الاستعمال لهما يتّحد المصدر واسمه في المعنى ويختلفان في عدد الحروف فحسب، ولكن ثمّة من يميّز بين الأمرين بأنّ المصدر يدلّ على الحدث وأمّا اسم المصدر فإنّه يدلّ على نتيجة الحدث والفعل. مما تفضي إليه فإنّ الإعانة والمدد يؤدِّيان إلى نتيجة هي الفوز، فنفس عمليّة الإعانة تُسمّى (نصرًا ونصرةً) فهما مصدرٌ، وأما النتيجة التّي تؤدّي إليها هذه الإعانة فهي (انتصار) بما هو نتيجة وأثرٌ ويُسمّى اسم مصدر[3].

تكون هذه المفردة (نصر) تابعة للسياق الذي يتم استخدامها فيه، وبشكلٍ عام يمكن تعريف (النصر) بمعنى فوز أو انتصار على خصمٍ أو تحدٍ، سواء أكان ذلك في مجالات المنافسة الرياضيّة، أم الحروب، أم حتّى في مجالات الحياة اليومية مثل تحقيق الأهداف الشخصيّة والمدرسيّة. كما أنّ الثقافات العالميّة قد تحمل في وجدانها مفاهيم مختلفة عن النصر، وقد يُصاحب حدوث النصر مع مشاعر الفخر للمنتصر والسعادة أو حتّى التوتر، وذلك اعتمادًا على الظروف والسياقات المحيطة به.

أما مفهوم (الفتح) في اللغة يكون معناه: نقيض الإغلاق، فـ “فَتَحَ” ضد أَغْلَق، كفَتَحَ الأبواب فانفتحتْ، وأنّ (الفتَـح) هي كلمة متعددة المعاني[4]، ولكن بشكلٍ عام، تُشير إلى الفصل في القضاء، والظهور أو الاستيلاء على مكان ما عن طريق الحرب، أو النصر بالتفاوض، وتستعمل في القضاء بين خصمين، أو قد تعني التحقيق لإنجازٍ كبيرٍ يؤدّي إلى تقدّمٍ كبير، وفي اللغة العربيّة تستعمل كلمة “الفتَـحُ” في معانٍ متعددة، منها: معنى الفصل بين شيئين، كما في فتح الباب، أو كشف ما هو مخفيّ. وقد تعطي معنى الاستيلاء على بلدٍ أو مدينة، أي: فتحها عن طريق القوّة أو المفاوضة. وهي النصر كما ورد في الفتوحات الإسلاميّة وما نتج عنها من هداية الناس إلى دين الإسلام. وبذلك فهي تعني: ذلك الإنجاز الكبير كإنجازٍ علميٍّ أو تقنيّ. كما أنّ الرزق الذي يفتح الله به لعباده الخير، وهو ما يفتح الله به الأبواب للرزق الحلال، والفتح يعني: ما يهبهم الله تعالى من فهمٍ وبصيرة وفوزٍ بالجنّة.[5] وهو ما يجده المتأمل جليّاً في كلمة الامام الحسين عليه السلام قبل واقعة كربلاء، حيثُ دعا المسلمين لنصرة ثورته الكبرى فقال: “أما بعدُ فإنّه من لَحِقَ بي منكم اُستشهد، ومن تخلّف لم يبلغْ مبلغَ الفتح والسلام”[6]، لقد قصد من (الفتح) هنا الشهادة ودخول الجنّة جزاءً لتضحيته.

إذا كلمة (الفتح) واسعة المعنى متشعبة الدلالة متعددة الاستعمال، وقد اُستعملتْ في القرآن الكريم بمعانيّ عديدة، وفي هذا البحث المقتضب سأتناول العلاقة بين معاني كلا المفهومين ووجه الرابط فيما بينهما، وحيثيّة الفارق ما بينهما. مما دلّت عليه الدراسات القرآنيّة من تبادل الأدوار الاستعماليّة بين المفهومين، فتارة يدلان على المنافع الماديّة ومستلزمات الرقيّ الدنيويّ، وأخرى قد يدلان على المنافع المعنويّة وما ينفع للدار الآخرة، فقد اُستعمل مفهوم (النصر) في القرآن الكريم بحسب الاستقراء -155- مرة، كما ذُكر لفظ (الفتح) بحدود -38- مرة بصيغه المتعددة.

المطلب الأوّل- دلالة مفهومي النصر والفتح القرآنيّ على الإنجاز الماديّ

لم تكن الغاية الالهيّة من تحصيل المنافع الماديّة لذاتها بقدر ما يعتبرها الإسلام الحنيف كوسيلةٍ لتعزيز قوة الدين ومناط عزّةٍ للمسلمين، وفي (سورة النصر) المباركة التقى المفهومان في الذكر بتقديم النصر على الفتح، فلو لم يفترقا مفهوما لم يُذكرا بواسطة العطف الذي يقتضي المغايرة، حيثُ قال تعالى ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْح[7]،  فلا شكّ أنّهما مختلفان لغةً ومفهوما، وكان مراده تعالى التنبيه على كلا المفهومين، ويمكن هنا تصورهما على مستويات متعددة الفهم منها:

المستوى الأوّل: أن يكون المفهومان يتحققان معاً في الدنيا، وهذا هو المنحى التفسيري المشهور أو (الماديّ)، فيكون النصرُ مقدمة ً للفتح، وربما خصّه المفسرون بفتح مكة[8]. ومما يؤكّد أنّ معنى (النصر) هنا ماديّاً هو أنّ معنى النصر هو: الإعانة على العدو، ونصر الله يعقبه التغّلب على العدو. ومعنى (الفتح) هو: امتلاك بلد العدو وأرضه؛ لأنّه يكون بفتح باب البلد كما هو وارد في قوله تعالى: ﴿ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون﴾[9]، ولا يكون ذلك إلّا باقتحام ثغور الأرض ومحارسها فقد كانوا ينزلون بالأرضين التّي لها شعاب وثغور[10].

 المستوى الثّاني: أن يكون أحدهما دنيوياً والأخر معنويّاً أو أخروياً، وعلى هذا المستوى يكون المعنى: إن تنتصروا انتصاراً دنيوياً نفتح لكم فتحاً معنوياً، إلّا أنّ وحدة السياق للسورة تأبى هذا الوجه وتدعم الوجه الأوّل[11].

وأمّا أن يكونا معاً في الآخرة أيّ: النصر المعنويّ والفتح المعنويّ، هذا مع التنزّل عن شأنيّة الآية وسبب نزولها، فيكون النصر بمعنى: الانتصار على النفس الأمارة بالسوء والتمكّن منها في جهادها، ويكون الفتح بمعنى: فتح العقل بالعلم وامكانيّة الفهم وتلقّي العلوم الروحيّة الباطنيّة، سواء أكان ذلك من الظاهر أو من الباطن. حيثُ قال تعالى: ﴿أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ﴾[12]، أي: لا تجادلوا المؤمنين بما فتح الله عليهم من علمٍ من المعارف والعلوم فلا تغلبوهم، لا بمعنى فتح مكة. وإذا كان الفتح متزايداً وعميقاً في العقل، فهو الفتح المبين قال الله تعالى: ﴿إنا فتحنا لك فتحاً مبينا﴾[13]. فيكون المعنى المحتمل للنصر والفتح من (سورة النصر) أن يكون أحدهما دنيوياً والأخر معنوياً أو أخروياً، وعلى هذا المستوى يكون المعنى: أن تنتصروا انتصاراً دنيوياً نفتح لكم فتحاً معنوياً، إلّا أنّ وحدة السياق العام كما تقدّم تأبى هذا الظهور، وهذا لا يعني نفي ظهورها المطلق في غير هذا السياق القرآنيّ[14].

إنّ من البديهيّ العقديّ بلوغ العطاء الالهيّ لمن يستحقه من العباد، فلا يأتي التأييد الالهيّ ونصرته من غير سعيٍ يستوجبه، وبناءً عليه لا تخلو السورة من لطائف تتعّلق بمفهومي (النصر والفتح) من الناحية الماديّة والمعنويّة، ومن تلك اللطائف أنّه تعالى لما وعد نبيّه الكرم بالتربية العظيمة بقوله عزوجل: ﴿ولسوف يعطيك ربك فترضى﴾، وقوله تعالى: ﴿إنّا أعطيناك الكوثر﴾ لا جرم كان يزداد كل يوم أمره علوّاً ورفعة، كأنّه تعالى قال: يا ايّها النبيّ لِمَ يضق قلبك؟ ألست حين لم تكن مبعوثا لم أضيعك بل نصرتك بقدرتي؟ وفي أول الرسالة بعد الهجرة زدتّ التأييد فجعلتُ ملائكة تنصرك: ﴿ألن يكفيكم أن يمدكم ربّكم بخمسة آلاف﴾، ثم الآن أزيد فأقول إنّي أكون ناصراً لك بذاتي: ﴿إذا جاء نصر الله﴾، فكان سؤال النبيّ الأكرم لربّه: إلهيّ إنّما تتمّ النعمة إذا فتحتَ لي دار مولدي ومسكني، وأريد هداية قومي، فإنّ كفرهم يُشعرني بالذنب، فكأنّما قال له المولى سبحانه: (ولك من بعد النصر الفتح)، وذلك جاء بوعده سبحانه: ﴿ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا﴾، ثم كأنّه قال تعالى: هل تعلم يا رسولي بأيّ سببٍ وجدتَ هذه التشريفات الثلاثة، إنّما وجدتَها لأنّك قلتَ في السورة المتقدّمة: ﴿يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون﴾، وهذا يشتمل على أمورٍ ثلاثة أوّلها: نصرتني بلسانك فكان جزاؤه: ﴿إذا جاء نصر الله﴾، وثانيها: فتحتَ مكّة قلبك بعسكر التوحيد، فأعطيناك فتح مكة وهو المراد من قوله: (والفتح)، والثالث: أدخلتَ رعية جوارحك وأعضائك في طاعتي وعبوديتي، فأنا أيضاً أدخلتُ عبادي في طاعتك، وهو المراد من قوله: ﴿يدخلون في دين الله أفواجا﴾، ثم إنّك بعد أن وجدتَ هذه الخُلع الثلاثة فابعث إلى حضرتي بثلاث أنواع من العبودية تهادوا تحابوا، إن نصرتُكَ فسبّح، وإن فتحتَ مكّة فاحمد، وإن أسلم قومك فاستغفر، وإنّما وُضِعَ في مقابلة (نصر الله) تسبيحه عزوجل؛ لأنّ التسبيح هو تنزيه الله عن مشابهة المحدثات، فيعني: تشاهد أنّه تعالى نصرَكَ، فإيّاك أن تظن أنّه إنّما نصرك لأنّك تستحق منه ذلك النحر، بل أعتقد كونه منزّهاً عن أن يستحق عليه أحد من الخلق شيئا، ثم جعل في مقابل فتح مكة الحمد؛ لأنّ النعمة لا يمكن أن تقابل إلّا بالحمد، ثم جعل في مقابلة دخول الناس في الدين الاستغفار وهو المراد من قوله: ﴿واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات﴾. أي: كثرة الأتباع مما يشغل القلب بلذة الجاه والقبول، فاستغفر لهذا القدر من ذنبك، واستغفر لذنبهم فإنّهم كلما كانوا أكثر كانت ذنوبهم أكثر فكان احتياجهم إلى استغفارك أكثر[15].

ومن وجوه النصرة المادية للمسلمين في معركة بدر الكبرى، إذ كان من التأييد الإلهي أن رزقهم الاطمئنان والراحة النفسيّة بما أكسبهم النعاس والنوم الهنيء، وهذا يدلُّ على أنّ النصر والإمداد بالبشرى واطمئنان القلوب كان في وقت يأخذ المسلمين النعاس؛ وذلك للأمن الذي أفاضه الله على قلوبهم فناموا، ولسان الحال يقول: ولو كنتم خائفين مرتاعين لم يأخذكم نعاس ولا نوم، وإذا لأنهكهم السهر وأتعبكم، ثمَّ ليُنزل عليكم المطر ويطهركم به حتّى يذهب عنكم وسوسة الشيطان، وليربط على قلوبكم ويشدّ عليها -وهو كناية عن التشجيع- وليثبت بالمطر أقدامكم في الحرب بتلبد الرمل أو بثبات القلوب[16].

ويظهر مما تقدّم أنّ الفرق بين النصر والفتح هو: إنّ النصر يتضمّن المقدمات بينما الفتح يتضمّن النتائج؛ ولذا قيل: الهدم قبل البناء لأجل التغيير، كما في هدم العقائد الفاسدة، فأنّه ليس بالأمر اليسير بل يتم بالتسديد الالهيّ. وعلى أيّ حالٍ فكلِّ فتحٍ يحتاج إلى مقدمات، وأهمّ تلك المقدمات هو: النصر وإزالة العوائق، وهذا معنى سار في كل فتح ونصر، سواءٌ أكان ماديّاً عسكرياً أم عقليّاً ونفسيّاً أم في أيّ عالمٍ خلقه الله تعالى[17].

مما يستنتجه الباحث أنّ مفهوم (النصر) يأتي غالباً هنا كمقدمة لمفهوم (الفتح)، وبطبيعة الحال يكون ذا جنبةٍ ماديّة تتجلّى في تلقي الدعم والتأييد الالهيّ، فتظهر نتائجها على المسلمين على هيئة الثبات ودفع المعتدين وما يستتبعه من اغتنام الأسلحة والأموال كأول الثمار، وقد تتوالى نعم ذلك النصر حتى تصل إلى تحقيق الفتح المبين بتحرير الأرض بعد المدافعة لصيانة حياض المسلمين وحفظ بيضة الدين.

لقد انعكست تلك المواهب الالهيّة بتجليات الدعم والتأييد لمشروع الجمهورية الاسلاميّة في إيران، فظهور الدعم الإلهي للثورة الإسلاميّة في إيران كان جليّا، ومن أبرز مظاهره هو أنّه ارتبط ارتباطًا وثيقًا بقيادة آية الله العظمى الامام الخميني، والذي كان يتمتّع بقوةِ الشخصيّة (كاريزما)، وإلهام روحانيّ من أثر العرفان بربّه جلّ وعلا، مما يوحيان -قوة الشخصيّة والمعرفة- بمظهر الثورة ضد الطغاة. كما يمكن أن يفسّر هذا الدعم الإلهيّ من خلال عوامل كثيرة، بما في ذلك الدعم الشعبيّ الواسع الذي قلّ نظيره في العالم وتأريخ الثورات. هذا بالإضافة إلى النجاحات التّي حققتها الثورة الاسلاميّة على جميع الصُعد العلميّة والثقافيّة، فتلك الإنجازات ما هي إلّا من ثمار رسوخ أثر الروحانيّة القويّة على شباب الثورة التّي أثارتها في المجتمع الإيراني حتّى امتدتْ آثارها لبقيّة الدول الإسلاميّة[18].

كانت الثورة الإيرانية تُعبّر عن رغبةٍ شعبيّةٍ واسعةٍ في تغيير النظام السياسيّ الحاكم، وهذه الرغبة كانتْ من مظاهر التأييد الإلهيّ ونصرته لقائد الثورة، مما أدّى إلى مشاركةٍ واسعةٍ كبيرةٍ من الناس في المظاهرات والانتفاضات، والتّي أدتْ إلى تحقيق الفتح الإسلاميّ الأوّل من سنخه في التأريخ المعاصر، فإنّ نجاح أيّ ثورةٍ وقيامها بقوةٍ لا بُدّ لها من عواملٍ وعناصرٍ لنجاحها، ولا يمكن للثورة النجاح والاستمرار إذا لم تتوّفر تلك العوامل الرئيسة، وكان من عوامل وأسرار انتصار الثورة الإسلاميّة في إيران ما يلي:

العامل الأول: وجود المنهج والنظرية المناسبة لقيام الثورة الاسلاميّة، وهي نظرية ولاية الفقيه المستنبطة من الفكر الإسلاميّ الأصيل، والتّي استدلّ عليها الفقهاء من المصادر المعتبرة[19]، وعمدة هذه الأدلة هو الدليل العقليّ، ومفاده ضرورة تطبيق الأحكام الإلهيّة في المجتمع الإسلاميّ.

العامل الثّاني: وجود العالم الفقيه الربّاني الممثّل للقيادة الربانيّة الشرعيّة، وهو العارف باللّه العامل المخلص لله الزاهد في حطام الدنيا والقادر على الإدارة والقيادة، فالإمام الخميني كان يتمتّع بلياقةٍ وافية، وهو الأكفأ والأقدر من الناحيّة السياسيّة.

العامل الثّالث: توافر الأهداف للثورة المتسّقة وأهداف بعثة الأنبياء والرسل، وكانت الغاية منها إقامة مجتمع صالح وتطبيق أحكام الله ثمَّ هداية الناس إلى عبادة الله عزوجل، والتمهيد لظهور ولي الله الأعظم وقيام دولة الحق المطلق.

العامل الرّابع: وجود النخبة الواعية والصالحة من علماء ومفكرين كانوا حلقة الوصل بين القائد وبين الأمة، وكانت الثورة تزخر بهؤلاء النخبة أمثال الإمام الخامنئي والشهداء مطهري، وبهشتي، ورجائي، بالإضافة للفقهاء مثل جواد آملي، مصباح اليزدي، جنتي، وقدوسي، والعشرات من أمثال العلماء والمفكرين والرواد.

العامل الخامس: هو وجود مجتمع استطاع تغيير نفسه وله قابلية التضحيّة وسمة الفداء بكلِّ شيءٍ من أجل الإسلام، ومتأهّلٌ لإصلاح الواقع الفاسد بتغيير النظام المجرم والعميل الذي وصل أوج انحرافه وفساده وعمالته لأمريكا وإسرائيل والغرب.

العامل السادس: العامل المهم في هذه الثورة أنّها قامتْ بالأمة والشعب بإرادةٍ حرّة، ولم تكن هذه الثورة قامتْ بمؤامرة خارجيّة، ولم تلقَ مساعدة دول الشرق والغرب، ولذلك قدمتْ الكثير من القرابين من أجل الانتصار حتّى نزل النصر وأنهزم جمع الطاغوت وأعوانه أمام الثورة، مما تولّد الفتح المبين[20].

هذه جملة من العوامل الماديّة التّي أدتْ إلى انتصار الثورة الاسلاميّة في إيران التّي انتجت الفتح المبين بتحرير أرض فارس من براثن العمالة الصهيونيّة والغربيّة، والتخلّص من الفكر الشيوعيّ الالحاديّ الذي تغلغل في أوساط الشعب الايرانيّ بدعوى التحرر والخلاص من الظلم.

المطلب الثّاني- دلالة مفهوميّ النصر والفتح القرآنيّ على الإنجاز المعنويّ

كما كان لذينك المفهومين دلالة على الإنجازات الماديّة فلهما دلالة على الإنجازات المعنويّة التّي لا تقلُّ أهميّةً عن نظيرتها الماديّة. فقد يُعد الدعم الإلهيّ للثورة الإسلاميّة في إيران من المفاهيم التي تفسر النجاحات المعنويّة والروحانية التّي صاحبت الثورة. هذا الدعم الذي يرى فيه البعض دليلًا على قوّة الإلهام الروحانيّ للثورة قيادةً وأنصارا، من حيثُ يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالقيادة القويّة لآية الله الخميني، والدعم الشعبيّ الواسع، مما أفرز النجاحات الباهرة التّي حقّقتها الثورة، وهذا يدلُّ على امتدادها الطبيعيّ للدعوة الإسلاميّة الأولى.   

وفي صدد تفسير العلماء لسورة الفتح المباركة يجد المتأمل الكثير من الدروس والعبر التّي تنفع في بيان أهميّة التأييد الالهيّ ومواهبه السنيّة، “فغرض السورة بيان ما أمتنّ الله تعالى على رسوله صلّى الله عليه وآله بما رزقه من الفتح المبين في هذه السفرة، وعلى المؤمنين ممن معه، ومدحهم البالغ، والوعد الجميل للذين آمنوا منهم وعملوا الصالحات… ووعدهم الجميل في الدنيا بمغانم عاجلة وآجلة في الآخرة بالجنّة”[21].  ومنه يمكن أن يستظهر كلُّ من يريد التحقيق في هذا المطلب المتداخل لغويّاً أن قد يُراد بـ(النصر والفتح) معناهما اللغويّ وهو المفهوم الكليّ؛ لكي يُقابل بالانطباق على كلِّ نصرٍ وفتحٍ يقعا مصداقاً في الخارج، وأنّ فهم المعنى الكليّ مترتّب على كليّة اللفظ، كما هو ملحوظ في كلمة (الفتح) إن كانت الألف واللام فيها للجنس، ولكن ذلك غير متحقّق في (نصر) فأنّها جاءتْ نكرةٌ في (سورة النصر) فهي لا تفيد الشمول. بينما جاءت كلمة (الفتح) إما مُعرّفة بأداة التعريف أو بتنوين العوض كما وردتْ في سورة الفتح: ﴿إنّا فتجنا لك فتحاً مبينا﴾[22]، وهو مما يدلُّ على شمولها الاستغراقيّ لكلِّ موهبةٍ وتأييدٍ إلهيّ[23].

ولتقرير المطلب على وجهٍ علميٍّ يمكن القول: إنّ كلمة (نصر) مضافة إلى معرفة (نصر الله)، فتكون قابلة للشمول والإطلاق في المعنى، ولعلّه أوكد من إطلاق أداة التعريف؛ لأنّ الألف واللام يحتمل فيهما العهديّة. ولكن ينعقد سياق واحد من اللفظيين على كون (الفتح) أيضاً يُراد بها المعنى العام، فيكون ذلك قرينة على أنّ الألف واللام جنسيّة لا عهديّة، بتقرير أصولي يفيد: أنّ جعل ما هو متيّقن قرينةً على ما هو مشكوك. وبعد ضمّ ذلك إلى إثبات رأي من شمول الانتصارات الدنيويّة على مراتبها، والفتوحات الأخرويّة على مراتبها أيضاً، يثبت الشمول بكلّ ذلك، فيكون المعنى متشابك ومتلاقح في الالتقاء بين المعنى النصر الماديّ الدنيويّ والفتح المعنويّ الأخرويّ[24].

مما يتحصّل لدى الباحث أنّ مفهوميّ النصر والفتح في القرآن الكريم يدوران حول معاني العون والتأييد والغلبة والظفر بما يمنحه الله تعالى لعباده المؤمنين. مع اختصاص مفهوم النصر بمعنى المغالبة بالقوّة، ولكنّه ليس ما يحقّقه مجرد انتصار عسكريّ أو ماديّ، بل يحمل أبعادًا معنويةًّ أعمق، فالنصر الإلهيّ هو النصر الحقيقيّ بمنعكساته وتجلياته، فهو من عند الله جلّ وعلا، وهو سبحانه ناصر المؤمنين ومؤيدهم، كما قال تعالى: ﴿إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ﴾[25]، وبما أنّ أسباب النصر ترتبط في قاموس القرآن الكريم بشروطٍ وسنُنٍ إلهيّة، فمنها الإيمان بالله والتوكّل عليه، والتحليّ بالتقوى والصبر، والتزام الوحدة والاعتصام بحبل الله، واعتماد الجهاد في سبيله تعالى، وإعداد العدّة مع الثقة بالّله تعالى.

وقد يكون النصرُ معنويًا حيثُ يتمثّل في الثبات على الحقّ وقوّة الحجّة وظهور الحقّ على الباطل، وقد يتحقّق النصر على شكل دفعٍ للضرر البالغ وكشفٍ للكرب الحرج، فتكون الغاية من حقيقة النصر اظهار المدد الإلهيّ وتأييده، فليس النصر غايةً في حدّ ذاته، بل هو وسيلةٌ لتحقيق مراد الله وإعلاء كلمته وإقامة الحقّ والعدل في الأرض.

وأما مفهوم الفتح في القرآن الكريم فيتجاوز مجرد فتح الأماكن والبلدان، ليشمل معاني أوسع دلالة وأعمق غاية، فـ(الفتح) كمفهومٍ قد يأتي بمعنى التيسير والتوفيق، كما في قوله تعالى: ﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا[26]، فالفتح هنا في الآية المباركة متعلِّقٌ بمفهوم الرحمة الالهيّة الواسعة، مما يدلّ على شمول مرادها لجميع أنواع المنافع دنيويّة كانت أم اخرويّة، ولا يُقاس العائد الدنيوي بالأخرويّ بطبيعة الحال؛ لأنّ الدنيا مهما طال بها الزمن فهي فانيّة، وأما الآخرة فهي باقيّة بنعيمها ومواهبها الالهيّة.

وقد يأتي (الفتح) بمعنى القضاء والحكم، وهو كما ورد في قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ[27]، وهو ما يعني الفصل بين المتخاصمين أحدهما محقّ والآخر ظالم.

ولا يخلو لفظ (الفتح) من معنى النصر والظفر، وهذا مما يدلُّ على شموليته الاستغراقيّة، وهو كما جاء في قوله تعالى: ﴿إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ[28]، فمن يطلب المدد الالهيّ وتأييده بإخلاصٍ يجده حاضراً في سوح النزال بين معسكر الكفر والإيمان.

ومن شموليّة مفهوم (الفتح) دلالته على معنى الكشف وإزالة الإغلاق، وهذا المعنى سواء أكان ماديًا كفتح الأبواب، أم معنويًا كفتح القلوب للإيمان والحقّ، أو هما معاً في فتح أبواب الرزق والعلم[29].

ويمكن مما تقدّم أن يفهم المتتبع وجه الترابط بين مفهوميّ النصر والفتح بمعناهما المعنويّ، وهو كما ورد في الاستعمال القرآنيّ كما يلي:

قد يلتمس أنّ (الفتح) يأتي كنتيجةٍ لـ(النصر)، وهو يرد في كثيرٍ من الأحيان فيكون الفتح ثمرةً ومنحةً من الله بعد نصر عباده المؤمنين وثباتهم على الحقّ، فبعد نصر الله تعالى لهم على أعدائهم، يفتح لهم الأبواب لتحقيق أهدافهم من هداية الناس وتوسيع دائرة الحقّ.

كما قد يأتي النصر كأحد معاني الفتح، حيثُ يأتي لفظ “الفتح” في القرآن أحيانًا بمعنى النصر والتأييد الإلهيّ كما تمّ بيانه.

وبخصوص الاقتران بين المفهومين في سورة النصر، مما يتجلّى فيه العلاقة بوضوحٍ في سورة النصر: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾، حيثُ يأتي هنا النصر كمقدمةٍ تمهّدُ للفتح الأكبر، وهو الهداية المعبّر عنها بدخول الناس أفواجًا في دين الله.

والأهمّ مما ذُكر أنّ الغاية المشتركة لمورد اللفظين قد تلتقي غالباً، حيثُ يسعى كلٌّ من النصر والفتح في سياقهما القرآنيّ إلى تحقيق إرادة الله وإعلاء كلمته ثُمَّ نشر الحقّ والعدل، فالنصر إذاً يمنح القوّة والتمكين للمسلمين، والفتح يفتح لهم الآفاق والسبل لتحقيق هذه الغايات.

بالنتيجة يمكن القول إنّ النصر هو التأييد والعون الإلهيّ، والذّي يقود في كثيرٍ من الأحيان إلى الفتح بمعناه الشامل من تيسيرٍ ونصرٍ وحكمٍ وانتشارٍ للحقّ، فكلاهما من عطايا الله ومننه على عباده المؤمنين.

ولو سلّطنا الضوء على منعكسات هذه المواهب المعنويّة التّي تمتعتْ بها الثورة الإسلاميّة في إيران لأنكشف لنا الكثير من النعم والعوائد الالهيّة، منها القيادة الروحيّة للإمام الخميني، حيثُ لَعِبَ آية الله الخميني دورًا بارزًا في قيادة الثورة الشعبيّة، وذلك بما كان يتمتّع بحضورٍ قويٍّ وإلهامٍ روحانيٍّ جذب العديد من المجموعات الاجتماعيّة المختلفة إلى نصرة الثورة، بما في ذلك رجال الدين، وأصحاب المهن، وطلاب الجامعات، ومن ذوي التوجّهات المختلفة.

لقد حقّقتْ الثورة الإيرانيّة الكثير من الانجازات في زمنٍ قياسيّ، بدءاً من الإطاحة بنظام الشاه وإقامة جمهورية إسلاميّة، وحتّى بلوغ الدرجات العليا في التنميّة والتطور العلميّ، مما عزّز من شعور البعض بالدعم الإلهيّ في مسيرتها المباركة[30].

مما لعبته الروحانيّة من دورٍ هامٍ في انتصار الثورة، حيثُ كانت الثورة تعتمد على قيم إسلاميّة مثل العدالة والمساواة، وهو مما أثار حماسًا قويًا في نفوس الكثيرين. ولا يخفى الدور التاريخيّ الذّي يمكن أن يفسّر الدعم الإلهيّ للثورة من خلال منظورٍ تاريخيّ، حيثُ كانت الثورة الإسلاميّة تمثّل تحديًّا للنظام السياسيّ الحاكم، مما أدّى إلى تغييرات جذريّة في دولة إيران. وخيرُ مثالٍ على بيان الدعم الالهيّ في نصرة الثورة وحمايتها من كيد الأعداء ومكرهم هو الحادث الشهير المعروف بـ (عمليّة مخلب النسر) في صحراء طبس الايرانيّة، لكنّها بتسديد الهيّ باءتْ بالفشل وأدتْ إلى تدمير طائرتين ومقتل ثمانية جنود أمريكيين في صحراء طبس الواقعة شمال شرق إيران[31].

توافرتْ عوامل عديدة لإحراز ذلك النصر الالهيّ بما يحقّق الفتح الكبير الذي بانتْ علاماته حين أُقرّ الدستور الإيراني موافقاً للشريعة الاسلاميّة باختيار أغلبيّة الشعب الايرانيّ، وما استتبعه من نصرة الثورة الفلسطينيّة وابدال الجالية الصهيونيّة بالجالية الفلسطينيّة في محل السفارة. ومن تلك العوامل التي انتجت ذلك النصر المعنويّ ما يلي:

العامل الأوّل: وهو وجود مجموعة من الأمور المعنويّة منها وأهمّها اللطف الإلهيّ، وتحقيق سُنّة الاستبدال بتغيير النفوس وجهادها، وكان لدعاء الأولياء والصالحين والصادقين والمؤمنين والإمام صاحب العصر والزمان عليه السلام أثره البالغ في هذا المُنجَز. فهذه الأمور مهمّة للغاية في اقتضاء التغيير الإلهيّ للمجتمع، والله تعالى يقول في كتابه العزيز: ﴿لا يغيّر الله ما بقومٍ حتى يغيّروا ما بأنفسهم﴾[32]، فعندما غيّر الشعب الإيراني نفسه وأراد الإسلام بإخلاصٍ غيّرَ الله تعالى حالهم إلى أحسن حال.

العامل الثّاني: كشفتْ السنوات أنّ هذه الثورة رغم المؤامرات عليها من الداخل والخارج، لكنّها محفوظة بحفظ الله تعالى وخفي ألطافه؛ لأنّها حافظتْ على المنهج والأهداف والمبادئ الإسلاميّة رُغم رسوخ القوميّة الفارسيّة في نفوس الشعب، فلم تساوم الغرب الكافر بدوله العظمى على مبادئها وقيمها، ولذا تمدّدتْ قيمها في المنطقة وأصبحتْ الثورة محل قبول لبعض شعوب العالم، فتقدمتْ الأمة على جميع الأصعدة العلميّة والمعرفيّة والبحثيّة والسياسيّة والاقتصاديّة والثقافيّة والزراعيّة، والأهمّ أنّها عاشت بكرامة وعزّة[33].

لقد كان مفهوميّ (النصر والفتح) في فكر السيدين الامام الخميني والقائد الخامنئي على ضوء تفسير سورتي النصر والفتح، ينطلق من رؤيةٍ قرآنيّةٍ تربط النصر بالرضا الإلهيّ والفتح بالثبات على الحقّ، مع تأكيد على الجوانب الروحيّة والمعنويّة في تحقيق الانتصار، وفيما يلي بيان ذلك المسلك بنقاطٍ ثلاث هي:

أوّلاً- النصر كتحقيقٍ للرضا الإلهيّ، حيثُ يرى الإمام الخميني أنّ النصر الحقيقيّ ليس مجرد انتصارٍ ماديٍّ أو عسكريّ فحسب، بل هو تحقيقٌ لرضا الله تعالى من خلال الالتزام بالتكليف الشرعيّ، والتزام الجهاد في سبيله. فالنصر إذاً مرتبطٌ بالإخلاص في النية وطهارة النفس، حتّى لو أدّى العمل الظاهريّ إلى خسارةٍ ماديّة. 

  مما حدا به الأمر أن يستشهد بآياتٍ قرآنيّةٍ مثل قوله تعالى: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا﴾، مؤكّدًا أنّ الأعمال تُقاس بمدى قربها من الرضا الإلهيّ لا بحجمها الماديّ. كما ويرى القائد الخامنئي أنّ النصر في العصر الحديث لا يقتصر على الحروب العسكريّة، بل يشمل مواجهة الغزو الثقافيّ والفكريّ، أو ما يسمّى بـ”الحرب الناعمة”، التي تستهدف تقويض الهويّة الإسلاميّة عبر الإعلام المضلل وقيم الفساد الوافدة. 

ثّانياً- الحرية والكرامة الإنسانية كأساس للنصر، أعتبر الإمام الخميني أنّ حرية الإنسان وكرامته جزءً لا يتجزأ من النصر، حيثُ قال: “الناس أحرار ولا ولن يقف أحد بوجه حريتهم. إنّ الحرية أول مرتبة لحقوق الناس”[34]، مؤكِّدًا أنّ النصر الحقيقيّ هو تحرير الإنسان من الاستبداد الداخليّ والخارجيّ، وبناء دولة إسلاميّة تحفظ هذه القيم. وهو ما أكده القائد الخامنئي على أنّ النصر مرتبطٌ بالثبات على المبادئ الإسلاميّة، مستشهدًا بموقف الإمام الحسين وبقوله عليه السلام في طريق كربلاء: “ألسنا مع الحق؟”، معتبرًا أنّ الثبات في وجه التحديات هو انتصار بحدِّ ذاته، حتّى لو أدّى إلى التضحيّة والاستشهاد.

ثالثّاً- حقيقة النصر في مواجهة الباطل، لقد ربط الامام الخميني بين النصر والثبات على الحقّ، مستدلًا بمواقف الأنبياء الذين انتصروا برغم تعرضهم للقتل أو النفي؛ لأنّ انتصارهم كان معنويًا بثباتهم على المبادئ[35].  حيثُ استند إلى قوله تعالى: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾[36]، موضحًا أنّ النصر الالهيّ قد يتجلّى في صورةٍ روحيّةٍ كالاستشهاد أو الحفاظ على الهويّة الإسلاميّة. كما أردف القائد الخامنئي رأي الامام الخميني بشرط تحقّق الجماعة، حيثُ شدّد على أنّ النصر ليس فرديًا، بل يحتاج إلى توحيد الصفوف وتجنب الفرقة، مستدلًا بقوله تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾[37]، معتبرًا أنّ الوحدة الاجتماعية والسياسية شرطٌ أساسيّ لتحقيقه.

مما كان الامام الخميني يراه أنّ إقامة الدولة الإسلامية في إيران بعد الثورة كانت تجسيدًا للنصر القرآني، حيث قال قدس: “أقصى ما أتمناه أن يصبح الشعب الإيراني أسوة لكل الشعوب في التقدم والسعادة الإنسانية”[38]. كما أضاف القائد الخامنئي عاملاً آخراً لتحقيق النصرة، الا وهو عامل النصر كسنّة إلهيّة، فقد استند إلى الآية المباركة: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ موضِّحًا أنّ النصر الإلهيّ مرتبطٌ بسننٍ ثابتةٍ كالإيمان والصبر والعمل الصالح، وأنّه لا يُقاس بالنتائج الماديّة الفوريّة، بل بتحقيق الأهداف الإستراتيجية.

وفي الفترة الأخيرة، وظّف الإمام الخميني هذه القاعدة؛ ليحكم في ضوئها بحرمة العلاقات مع الغرب في بعض الموارد، وحكمه ضدّ قانون (كابيتولاسيون) والذي يعني الحماية القضائية للأميركيّين في إيران[39]. وذكر الامام الخميني في بعض بحوثه قائلاً: “بل يمكن أن يكون له وجه سياسيّ، هو عطف نظر المسلمين إلى لزوم الخروج عن سلطة الكفّار بأيّة وسيلة ممكنة؛ فإنّ تسلّطهم عليهم وعلى بلادهم ليس من الله تعالى؛ فإنّه لن يجعل للكافرين عليهم سبيلاً وسلطة، لئلا يقولوا: إنّ ذلك التسلّط كان بتقدير من الله وقضائه، ولابدّ من التسليم له والرضا به، فإنّه تسليم للذلّ والظلم، وأبى الله تعالى ذلك؛ فإنّ العزّة لله ولرسوله وللمؤمنين”[40].

  تفسر السورة نصر الله بفتح مكة، الذي كان علامة على اكتمال الرسالة النبوية، ودخول الناس في الإسلام أفواجًا. وهذا يعكس أنّ النصر في المنظور القرآنيّ قد يكون علامة على انتهاء مرحلة بائسة، وبداية لمرحلةٍ ايمانيّةٍ جديدة. كما أنّ الفتح لا يرجى منه الاستيلاء على مقدرات الشعوب بقدر ما يُراد منه هداية الناس إلى جادة الصواب. لقد كانت الغاية من تفعيل دور الجهاد الدفاعيّ عن حياض المسلمين، والهدف من مقارعة الطغاة بمنهج الثورة هو إعادة التوازن في العلاقات الاجتماعيّة بين الشعوب والملل، مما يعتبر خير وسيلة لإعادة الحق المستلب والحفاظ على كرامة المسلم وصيانة حقوقه. “ومع أنّه لا وجود لقاعدة فقهيّة أو دينيّة عامّة باسم قاعدة (نفي السبيل) بعرضها العريض، وأنّ ما تعطيه النصوص الدينيّة هو ثبوت هذه القاعدة بوصفها قاعدة في علاقات الجماعات ببعضها، فلا يُسمح بذُلّ المؤمنين والإيمان، أو بضعفهم وهوان مجتمع المؤمنين، وبهذا يُبنى على صحّة هذه القاعدة بأدلّة مشروعيّة الجهاد الدفاعي نفسها أيضاً، وبنصوصٍ اُخَر، فتكون جارية في باب العلاقات الدوليّة والمجتمعيّة، وتؤسّس لمبدأ الاستقلال والتحرّر، ولها دور كبير في صياغة شكل العلاقات الدبلوماسيّة بين الدول المسلمة وغيرها”.[41]   

  ومما يدلُّ عليه هو الأمر الإلهيّ للنبيّ ﷺ بالتسبيح والاستغفار بعد الفتح لمكة، وهو ما يُظهر أنّ النصر الحقيقيّ لا يُفهم إلّا بتحقيق التواضع لله سبحانه، وعدم الانجراف وراء الزهو بالانتصار الماديّ والفرح بزخرف الحياة الدنيا، وهو ما أكّده الامام الخميني بقوله: “النصر بناءً على الفهم الإلهيّ لا يتحقّق بغير الإخلاص”[42].

مما يخلص إليه الباحث أنّ ما يتميّز به مفهوم النصر عند الامام الخميني والقائد الخامنئي هو الجمع بين البُعد الروحيّ والماديّ، حيث يرتبط النصر بالثبات على المبادئ، وتحقيق الرضا الإلهيّ، ومواجهة التحديات المعاصرة كالحرب الناعمة. وتكمن قوّة هذا المفهوم في كونه لا ينحصر بالانتصار العسكريّ فحسب، بل يتعداه ليشمل الحفاظ على الهويّة الإسلاميّة وبناء المجتمع القائم على العدل والحرية، مستلهمًا من سورتي النصر والفتح المباركتيين اللتان تربطان بين النصر والتسبيح والغفران كعلامة على اكتمال الرسالة السماويّة وتماميّة شرعتها السمحاء.

الخلاصة

  1. إنّ لمفهوميّ النصر والفتح في الاستعمال القرآنيّ دلالة ماديّة وأخرى معنويّة، وكلّما كان النصر ماديّاً جاءتْ نتيجته بالفتح المعنويّ، وإن كان النصرُ معنويّاً من دون مغالبة تأتي نتيجته بالفتح الماديّ.
  2. يكون معنى الفتح أوسع وأشمل من معنى النصر، فمجالات الفتح مفتوحة على جميع مجالات الحياة، بينما تقتصر معاني النصر على موارد محدودة.
  3. قد يتحصّل الفتح المعنويّ من دون تحقّق النصر الماديّ، بل قد يكون مع الانكسار العسكريّ مع الثبات على المبادئ والصبر عن الميل للهوى وطاعة الأعداء.
  4. انعكست دلالة المفهومين على مشروع الجمهورية الإسلامية في إيران بأجلى صورها، فمع تحقّق النصر الماديّ بانتصار الثورة على الطاغية شاه إيران قد تحقّق الفتح المبين بدخول الشعب الإيراني تحت ظل الدستور الإسلامي. ومع تقديم التضحيات الكبيرة والقرابين الكبيرة من قادة الثورة ومجاهدي الأمة الايرانيّة نمتْ حينها الثورة وتطورت الدولة.
  5. إنّ من أهمّ عوامل انجاز النصر وتحقّق الفتح هي: الصبر والزهد والثبات بإخلاصٍ على الموقف الشرعيّ، فالأصل في توافر تلك النعمة هو الجانب الروحيّ والمعنويّ للأمة قادةً وأنصارا.     

[1] ابن منظور، محمد بن مكرم المصري، لسان العرب، ج 5، ص 210، مادّة: “نصر”؛ وينظر: الرازي، أبي بكر الرازي، مختصر الصحاح، ص 239.

[2] ينظر: الشيرازي، ناصر مكارم الشيرازي، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج2، ص677.

[3] ولزيادة التدقيق في هذا المبحث تحتاج إلى بحثٍ تخصّصيّ ليس هنا محلّه. للمراجعة ينظر: عباس حسن، النحو الوافي، مطبعة: دار المعارف، ط4 (مصر- لا تاريخ)، ج3، ص 208؛ وأيضا: مصطفى جمال الدين، البحث النحوي عند الأصوليّين، مطبعة: دار الهجرة، ط2 (قم-1405هـ.ق)، ص 98-114.

[4] ينظر: ابن منظور، محمد بن مكرم المصري الانصاري، لسان العرب، ج11، ص120.

[5] ينظر: المقدم، محمد إسماعيل المقدم، تفسير القرآن الكريم (المقدم)، ج121، ص3-4.

[6] المجلسي، محمد باقر المجلسي، بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار، طباعة: دار الوفاء، الطبعة 2 (بيروت-1403هـ). ج44، ص330.

[7] سورة النصر: 1

[8] الصدر، محمد الصدر، منة المنان في الدفاع عن القرآن، تحقيق: مؤسسة المنتظر لاحياء تراث آل الصدر، طباعة: مطبعة الكوثر، الناشر: المحبين، طبعة1 (قم المقدسة-1432هـ). ج1، ص167-168.

[9] سورة المائدة:23

[10] ابن عاشور، محمد الطاهر بن عاشور، تفسير التحرير والتنوير، ج31، ص590.

[11] الصدر، محمد الصدر، منّة المنان في الدفاع عن القرآن، ج1، ص168.

[12] سورة البقرة: 76

[13] سورة الفتح: 1

[14] الصدر، محمد الصدر، منّة المنان، ج1، ص168.

[15] ينظر: الرازي، أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي، مفاتيح الغيب (التفسير الكبير)، الناشر: دار احياء التراث العربي، الطبعة 3 (بيروت-1420هـ). ج٣٢، ص١٥٠

[16] الطباطبائي، محمد حسين الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج9، ص21-22.

[17] الصدر، محمد الصدر، منّة المنان في الدفاع عن القرآن، ج1، ص168.

[18] Amuzegar, The Dynamics of the Iranian Revolution, (1991), p.4, 9-12

[19] يُذكر أنّ أوّل من أستدل على حقيقة ولاية الفقيه المطلقة من الناحيّة الشرعيّة والعقديّة هو مرجع الطائفة آية الله العظمى الشيخ محمد حسن الجواهري صاحب كتاب (جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام). راجع: الجواهري، محمد حسن الجواهري النجفي، جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، طباعة: دار احياء الترا العربي، طبعة (بيروت-1988م). ج1، ص359.

[20] تلك العوامل أعلاه قد ذُكرتْ في مصادر كثيرة وجمعتْ في مقالة وافية نشرت على الموقع الالكتروني. راجع: البهادلي، عبد الرضا البهادلي، عوامل وأسرار انتصار الثورة الإسلامية في إيران، موقع: وكالة أنباء براثا، مقال بتأريخ-  2021-02-04.رابط https://burathanews.com/arabic/articles/385796-

[21] الطباطبائي، محمد حسين الطباطبئي، الميزان في تفسير القرآن، طبعة محققة ومنقحة، طباعة: منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية في قم المقدسة. ج18، 252

[22] سورة الفتح: 1

[23] الرازي، أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي، مفاتيح الغيب (التفسير الكبير)، ج32 ص 155

[24] ينظر: الصدر، محمد الصدر، منّة المنان في الدفاع عن القرآن، ج1، ص167-169.

[25] سورة آل عمران: 160

[26] سورة فاطر: 2

[27] سورة الأعراف: 89

[28] سورة الأنفال: 19

[29] ينظر: سيد قطب، سيد قطب إبراهيم، في ظلال القرآن الكريم، طباعة: دار الشروق، الطبعة 32 (القاهرة-بلا). ج6، ص3331.

[30] منشور موقع مجلة تسنيم الالكترونيّة، ايران… التطور الفائق في تكنولوجيا النانو. بتاريخ: 2020/03/09.. موقع- https://www.tasnimnews.com/ar/news/2020/03/09/2219817

[31] راجع: موقع ويكيبيديا الالكتروني-  https://ar.wikipedia.org/wiki/

[32] سورة النفال: 53

[33] ينظر: البهادلي، عبد الرضا البهادلي، عوامل وأسرار انتصار الثورة الإسلامية في إيران، موقع: وكالة أنباء براثا، مقال بتأريخ-2021-02-04. رابط https://burathanews.com/arabic/articles/385796

[34] مقال (مفهوم الحرية عند الإمام الخميني قدس سره)، بتاريخ- ١٧‏/٠٧‏/٢٠١٦. على الموقع الالكتروني دار الولاية: https://alwelayah.net/post/38158

[35] مقال: حقيقة النصر وتجلياته، نقلاً عن مقالة (الاستقامة والثبات في شخصية الإمام، ص197). موقع المعارف الالكتروني- https://almaaref.org/maarefdetails.php?id=4117&subcatid=862&cid=11&supcat=3

[36] سورة غافر: 51

[37] سورة ىل عمران: 103  

[38] انظر: مقال (دروس من خط الإمام الخميني قدس سره)، منشور على الموقع الالكتروني لشبكة المعارف الإسلامية. https://books.almaaref.org/view.php?id=108

[39] ينظر: رحماني، محمّد رحماني، قاعدة نفي السبيل، مجلّة فقه أهل البيت، العدد 32: 188 ـ 192.

[40] الخميني، روح الله الخميني، كتاب البيع، ج2، ص725.

[41] حب الله، حيدر حب الله، فقه العلاقات بين الأديان ـ قراءة من منظور قاعدة نفي السبيل، مقال على موقعه الالكتروني الخاص، تاريخ النشر:

12/21/2019. موقع- https://hobbollah.com/p/44714/

[42] من الكلمات القصار، الإمام الخميني قدس سره، ص111ـ 112.

المنشورات الأخرى

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked with *

المنشورات الأخيرة

المحررون

الأكثر تعليقا

المقاطع المرئية