من الخميني الى الخامنئي عقيدة النصر والانتصار

   الباحث د.علي الزهيري                             

الخلاصة:

لكل عمل يقدم عليه الانسان هناك مقدمة او مقدمات لابد من ان يأتي بها، فإن كانت سليمة وصحيحة فالنتيجة المرجوة ستكون سليمة وصحيحة قطعا، وبالتالي سوف يقطف ثمرة نجاحه في حياته، هذا على المستوى الشخصي. والأمر ذاته عندما يكون على المستوى الاجتماعي، فالقادة عليهم ان يوفروا المقدمات السليمة والصحيحة التي تعتمد على خبرتهم وخبرة المؤسسات بمنتسبيها الواعين وأصحاب البصيرة لكي يتوصلوا الى نتائج من شأنها النهوض بواقع الامة.

وتأسيسا على ذلك؛ انطلقت الثورة الإسلامية المباركة في ايران بقيادة السيد الإمام الخميني (قدس) بالإعتماد على مقدمات سليمة وصحيحة منطلقة بقواعدها من القرآن الكريم والعترة الشريفة مما أدى الى انتصار الثورة محققة بذلك حلم الأنبياء وأبناء الأنبياء، ممهدة بذلك الأرضية المناسبة لإقامة دولة العدل الإلهي بقيادة الامام المهدي المنتظر (عجل الله فرجه) ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون.

وإذا كان الامر كذلك؛ فإن المقدمات التي اعتمد عليها السيد الخميني (قدس) كانت ذات رؤية إسلامية صحيحة آتت اكلها بزوال النظام العميل البهلوي ومبشرة بتشكيل حكومة إسلامية يقودها الولي الفقيه بنفسه معتمدا على شعب تمت تربيته تربية حسينية إذ نهض نهضته وشمر عن ساعديه في نصرة السيد الامام الراحل. وهذه اسمى وانقى نتيجة سليمة وصحيحة تحققت على يدي علماء آل محمد (عليهم الصلاة والسلام).

وبعد ان أدى تكليفه (قدس) وانتقل الى الرفيق الأعلى في جنات عدن تجري تحتها الانهار، اكمل تلميذه وخليفته وحبيبه السيد القائد الخامنئي (دام ظله) المسيرة الخالدة للثورة الإسلامية مواجها بذلك اعتى امبراطوريات الظلم والعدوان المتمثلة اليوم بالثالوث المشؤوم أمريكا وإسرائيل وبريطانيا ومن لف لفهم من عملاء الخليج والدول الغربية. إضافة الى تصديه للفتن الداخلية التي تم دعمها من الخارج – وما فتنة طهران منا ببعيد – إذ تصدى لها بحكمته وحنكته وصمود شعبه الغيور على ثورته.

اذن، هناك رؤية صحيحة اعتمدت على مقدمات صحيحة نهضا بها باسم الله ابنا علي بن ابي طالب فتحقق الفتح على أيديهم المباركة والحمد لله رب العالمين.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين

وصلى الله على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين

المقدمة:

خلق الله تبارك وتعالى البشرية على أساس العدل والمساواة وعدم التفريق بين الناس لا من حيث الشكل ولا من حيث اللون ولا حتى من حيث الموقع الجغرافي فضلا عن بقية اللحاظات. وعلى هذا الأساس بعث الله عز وجل الأنبياء والرسل من اجل ان يحفظوا القيم والمبادئ ويثبتوا أركانها حماية للمجتمعات من خطورة الانحراف والابتعاد عن حدود الله وتعديها.

وبمرور الأيام والسنين والدهور، وحيث بدأ التطور العمراني والتقدم التكنولوجي التدريجي وبدأت الثقافات تنتقل من قرية الى قرية ومن مدينة الى مدينة، وبسبب طبيعة النفس الإنسانية التي تحتوي على قوى متصارعة بداخلها كالقوة العاقلة والقوة الغضبية والقوة الشهوية وغيرها، فهناك من سيطر على هذه القوى وجعل من القوة العاقلة هي الحاكمة على الأخريات كالانبياء والاوصياء والصالحين، ومنهم من فشل في ترويض الغضبية والشهوية عن طريق العاقلة، فتزعزت اسس كيانه وتزلزلت مبادئه وتهدمت اركان انسانيته فصار يبحث عن كل ما يشبع غرائزه سواء بالطريقة المشروعة او غيرها. ومن هنا تولدت النزعة الداخلية في السيطرة الآخرين والسعي للحصول على اعلى المكتسبات ولو على حساب الناس المستضعفة. وهذا يؤدي بطبيعة الحال الى حدوث الظلم والفساد في المؤسسات العامة سواء كانت هذه المؤسسات هي دولة او جزء من دولة.

ولكي لا يستمر الامر كذلك وتنتشر الغدد السرطانية بين نفوس الظالمين وعلى وجه الخصوص من حصل على منصب في القيادة منهم، ولكي يسعى الانسان المخلص للدفاع عن القيم الإلهية النبيلة امام هذه الانحرافات التي اصابت مفاصل الامة، تولدت روح المقاومة في قلوب الاحرار وإنغرست عزيمة الانتصار في أرواحهم، فشمروا عن سواعدهم التي اكتسبت القوة الإلهية من خلال انتصارهم في صراع القوى الإنسانية إذ سيطرت القوة العاقلة في بواطنهم على بقية القوى وروضتها وصيرتها سائرة على النهج الإلهي المستقيم وطريق الأنبياء والمرسلين وعباد الله الصالحين.

فالنصر والانتصار انما هو هدية من الله تعالى قدمها الى القلوب الصالحة في عباده المؤمنين، وهو كنز اودعه في نفوسهم المنتصرة على الشياطين؛ إذ نصروا الله فنصرهم.

قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)، وقال عز وجل: (…وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).

  1. بيان البحث:

بسبب اختلاف المستويات في التفكير والبحث، وما ذكرناه في المقدمة من انتصار او فشل الانسان في معركة الصراع مع نفسه الأمارة بالسوء، حدثت مشكلة في الانسان نفسه وفي المجتمع أيضا، وهذه المشكلة انما هي مدى القابلية في تحديد البوصلة نحو الشيء المراد الوصول اليه.

فإن كانت المقدمات سليمة والغاية سامية فسيكون تحديد البوصلة سليم والوصول للهدف ممكن جدا حتى وإن كانت هناك عقبات كبيرة تواجه الانسان او المجتمع. وإن لم تكن المقدمات سليمة فالنتيجة هي التيهان كما وقع به قوم موسى (عليه السلام) عندما رفضوا امره في الدخول الى الأرض المقدسة، قال تعالى: (قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ ۛ أَرْبَعِينَ سَنَةً ۛ يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ).

فالرؤية الصحيحة للنصر والانتصار انما تأتي اذا كانت المقدمات سليمة ونابعة من آيات الكتاب الكريم وما روي عن العترة الهادية.

  • هدف البحث:

هدف البحث هو التعرف على المقدمات السليمة التي على القائد ان يتحلى بها وتشكل عقيدة في قلبه من اجل الوصول الى هدفه، ومن ثم الوصول الى الرؤية الصحيحة في قيادة الامة نحو النصر والانتصار.

وعيله، سيقوم الباحث بمحاولة لدراسة صفات القائد الناجح وما هي مميزاته ومن ثم ينتقل الى دراسة المعايير التي من شأنها ان توصل القائد الى هدفه. وإذا ما نجحنا في دراسة هذه المحاور سنتوصل الى الرؤية الصحيحة التي تمكن من خلالها السيد الجليل الراحل سماحة روح الله الخميني (قدس) الانتصار في ثورته ضد العميل البهلوي ومن يدعمه من قوى الاستكبار العالمي، وكيف استطاع السيد القائد الخامنئي (دام ظله) من ان يواصل الرحلة المنتصرة في مواجهة الاستكبار العالمي المتمثل اليوم بالثالوث المشؤوم امريكا وإسرائيل وبريطانيا؛ ومن الله التوفيق.

  • الخلفية البحثية:

بالنظر والتمحيص لكثير من الثورات والحكومات وعلى مر التأريخ، نلاحظ التفاوت بين هذه الثورات والحكومات حيث ان بعضها لم يكتب لها النجاح منذ ساعاتها الأولى وأخرى أيام معدودة وغيرها تستمر لسنوات وسنوات. والفيصل في هذا الامر هو مدى توفر الرؤية الصحيحة للقيادة، ومدى تأثير هذه القيادة على الامة.

فإن توفر عامل الرؤية الصحيحة للقادة والمسؤولين كان من شأن الثورة والحكومة هو الاستمرار حتى وإن واجهت العقبات من قبل اهل الباطل سواء من الداخل او من الخارج. فالقادة لا يفترون عن تقديم الخدمة لشعبهم، وهذه الخدمة قد تشمل الحفاظ على هوية الفرد الإسلامية والوطنية أولا، وتوفير الامن والعمل والغذاء وكل ما يحتاجه الفرد ليكون عزيزا في بلده.

  • أسئلة البحث:

4-1- السؤال الرئيسي: ما هي الرؤية الصحيحة لعقيدتي النصر والانتصار؟

4-2- الأسئلة الفرعية:

4- 2- 1- السؤال الأول: ما هي الرؤية القرآنية والروائية للقائد ورسالته؟

4- 2- 2- السؤال الثاني: من هو القائد الناجح؟

4- 2-3- السؤال الثالث: كيف يتم تحديد الهدف؟

المبحث الأول: الرؤية القرآنية والروائية للقائد ورسالته

ولمعرفة صفات القائد، ينتظم هذا المبحث الى مطلبين:

المطـلب الأول: القيادة في القرآن الكريم والتراث النبوي الشريف

وحتى يكون هذا المطلب ذو ثمرة بينة، لابد من معرفة المعنى اللغوي والاصطلاحي لمفردة القائد.

القائد في اللغة:

جاء في كتاب لسان العرب: (القائد من القَوْدُ: نقيض السَّوْق، يَقُودُ الدابَّة من أَمامِها ويَسُوقُها يقال: هذه الخيلُ قَوْدُ فلان القائِد، وجمع قائد الخيل قادَة وقُوَّاد، وهو قائد بَيِّن القِيادة، والقائِدُ واحد القُوَّاد والقادةِ؛ ورجل قائد من قوم قُوَّد وقُوَّاد وقادة)([1]).

القائد في الاصطلاح:

عند مطالعة الكتب المختصة بالقائد والقيادة وجد الباحث جملة من التعاريف ومن ابرزها:

  1. (وقد اجمع القديم والجديد على ان القيادة هبة واكتساب، وانها تولد مع الشخص طبيعة في ذات نفسه، كما انها تكتسب بالمرانة والتجربة)([2]).
  2. (والقيادة هي فن إقامة علاقات متوازنة بين الزملاء والمرؤوسين والمتعاملين مع المنظمة، وهي فن التنسيق بين الافراد والجماعات وشحذ هممهم لبلوغ الأهداف المنشودة وذلك وفق تصور ورؤية شاملة تقوم على البحث والأسلوب العلمي، فالقيادة ترى الصورة الكاملة للعمل وتقوم بتوضيحها للمرؤوسين مما يسهم في إيجاد هدف عام يعمل الجميع من اجل تحقيقه… والقيادة ظاهرة نفسية واجتماعية تقوم على علاقة اعتمادية متبادلة بين القائد ومرؤوسيه ينتج عنها تأثير القائد في الجماعة ورغبة الجماعة في الانقياد له لإشباع حاجاتها)([3]).

والذي توصل اليه الباحث ان المقصود من مفردة القائد هو الشخص القادر على التأثير بالآخرين وتوجيه سلوكهم نحو تحقيق الاهداف المشتركة، فهو المؤثر على نشاطات الجماعة من اجل تحقيق الأهداف، فالقائد من يكون له الأمر والنهي. واما القيادة فتعتبر قدرة الفرد في التأثير على شخص أو مجموعة وتوجيههم وإرشادهم من أجل كسب تعاونهم وتحفيزهم على العمل المشترك بأعلى درجة من الكفاءة في سبيل تحقيق الأهداف المرسومة والموضوعة.

القيادة في القرآن الكريم:

وفي ضوء ذلك تطلق القيادة في الثقافة الإسلامية على توجيه الناس نحو نظام الحق ومجتمع القيم، علما ان مصطلح القيادة لم يرد بلفظه ولا بأصله في القرآن الكريم، ولكن على مستوى المعنى نجد عدة آيات قرآنية تتعلق بمعنى القيادة وما يرتبط بها مثل: قوله تعالى: (قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا)([4])، وقوله تعالى: (وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا)([5])، وقوله تعالى: (يَا دَأوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ)([6])، وقوله تعالى: (لَقَدْ كَأنَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)([7])، وقوله تعالى: (قَدْ كَأنَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ)([8]).

لنترجم الآن هذه السطور من خلال النقاط الآتية:

  1. قال تعالى: (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ)([9]).
  2. حيث ان النزاهة والصدق والعلم والتمكن من اهم صفات القائد. فعندما يتحلى القائد بصفة النزاهة ستنظر له الامة بعين الإجلال والاحترام، وهكذا عندما يكون صادقا مع ربه ومع نفسه ومع اتباعه بل وحتى مع عدوه، فبهذه الحالة سيكون رمزا قرآنيا يمشي على الأرض بين الناس. وما يكمل هاتين الصفتين هو العلم، بل قل ان العلم هو الأساس، فالكون كله قام بالعلم.
  3. قال تعالى: (وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ ۚ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاءُ ۖ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (56) وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ(57)). سورة يوسف
  4. إذ يجب ان يكون عمل القائد خالصا لوجه الله تعالى ليكسب اجر الآخرة (وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُوا)، فهو المثل الأعلى لأتباعه والمربي لهم والمعلم لهم وهكذا ليحذوا افراد الامة حذوه. 
  5. قال تعالى: (قَالُوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ ۚ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ ۚ قَالَ أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا ۖ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ)([10]).
  6. من الافضل ان يتغاضى القائد عن بعض الامور من اجل المصلحة العامة ولتسير المؤسسة بلا مشاكل قدر الإمكان: (فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ). ففي حال الانفعال او رد الفعل غير المحسوب سينعكس ذلك سلبا على شخصية القائد أولا ومصلحة المؤسسة ثانيا.
  7. قال تعالى: (إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)([11]).
  8. من اهم صفات القائد هي التقوى والصبر. ولطالما امتدح القرآن الكريم هاتين الصفتين في آياته الكريمة لكي يتحلى بها المؤمن لاسيما القائد منهم.
  9. قال تعالى: (قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ۖ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)([12]).
  10. من صفات القائد هي المسامحة، فلو عاقب القائد اتباعه على كل خطأ يبدر منهم لما صمدت مؤسسته طويلا، ذلك ان المشادات وسوء الفهم المستمر انما ينعكس سلبا على حياة المؤسسة.
  11. قال تعالى: (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ)([13]).
  12. كل ما ينجح به القائد فلابد ان ينسب سببه الى الله تعالى لأنه هو الولي،  فالإنسان يسعى (‏وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ)([14])‏، والبركة والتوفيق منه تبارك وتعالى.
  13. قال تعالى: (وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۚ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ)([15]).
  14. القائد لا ينتظر الثناء من الناس والعاملين تحت سلطته وانما يرجوه من خالقه تعالى.
  15. قال تعالى: (وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَىٰ ۖ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا )([16]).
  16. نظام المكافأة والشكر لابد ان يكون من ضمن برنامج القائد الناجح.
  17. قال تعالى: (وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ۚ قَالُوا أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ ۚ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ۖ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)([17]).
  18. تبليغ النبي لقيادته وملكه؛ (وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا).
  19. الاصطفاء الإلهي للقائد؛ (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ).
  20. بسطة العلم، فالقائد يجب أن يكون عالما؛ (وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ).
  21. سلامة الجسم وقوته فيجب أن يكون القائد سليما وقويا في جسده (وَالْجِسْمِ).
  22. القيادة والملك عطاء رباني، وهبة إلهية؛ (وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ).

القيادة في الروايات الشريفة:

ورد مصطلح القيادة في الموروث الروائي والادعية الشريفة:

  • (اللهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة تعز بها الإسلام وأهله وتذل بها النفاق وأهله وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك والقادة إلى سبيلك وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة)([18]).
  • قال ابو سفيان يصف رسول الله (صلى الله عليه وآله): “والله ما رأيت من قوم قط أشد حبا لصاحبهم من أصحاب محمد”([19]).

فهو انما قال ذلك بسبب القيادة الصحيحة التي تبناها رسول الله صلى الله عليه وآله مع اصحابه.

  • علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن سليم بن قيس الهلالي، عن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) قال: إن الله تبارك وتعالى طهرنا وعصمنا وجعلنا شهداء على خلقه، وحجته في أرضه، و جعلنا مع القرآن وجعل القرآن معنا، لا نفارقه ولا يفارقنا([20]).
  • محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن منصور، عن عبد الرحيم القصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله تبارك وتعالى: ” إنما أنت منذر ولكل قوم هاد ” فقال: رسول الله (صلى الله عليه وآله) المنذر وعلي الهادي، أما والله ما ذهبت منا وما زالت فينا إلى الساعة([21]).
  • – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي ولاد قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك، يؤمنون به) قال: هم الأئمة (عليه السلام)([22]).
  • علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): اعرف إمامك فإنك إذا عرفت لم يضرك، تقدم هذا الامر أو تأخر([23]).

وإذا ما تابعنا سيرة السيد الجليل الراحل سماحة روح الله الخميني (قدس) من بداية مشواره الإسلامي في الحوزة العلمية وفي المجتمع، نلاحظ انه (قدس) قد تحل بجميع هذه الصفات القرآنية الكريمة، ولعله هو السبب بذاته الذي مكنه من ان يفجر ثورة إسلامية قرآنية حسينية لم يستطع من قبله ان يقوم بمثله.

(كانت كلمات الامام الراحل تستمد روحها من الامام الحسين مندمجة في (ونفخت فيه من روحي) فتتصل السماء بالأرض وتشتعل شرارة الثورة الإلهية.

ولأن الامام الراحل يعرف سر الثورة والمنطلق، ويعرف الغاية النهائية نراه (رضي الله عنه) يؤكد دائما على اسم كربلاء وذكرى الحسين بن علي.. وكانت الدموع تتجمع في عينيه وهو يجلس للعزاء في يوم عاشوراء.

وكان جسمه يقشعر لمجرد ذكر الحسين.. ذلك انه تلميذ في حضرة الحسين.. وكان يعتبر ثورته قبسا من تلك الثورة الخالدة.

واذن فإن بدء الثورة الإسلامية، والمحاور الأساسية في نداءات قائد الثورة وأركان وصايا مؤسس الجمهورية الإسلامية تتحرك في دائرة كربلائية)([24]).

وبما ان سيرة السيد الراحل (قدس) قد انصهرت بالقرآن والعترة الشريفة، فمن شأن هذا القائد الفذ ان يربي ويصنع لمشروعه خليفة يكون على قدر مسؤولية الثورة الإسلامية، وهذا ما تحقق بالفعل؛ فقد أصاب (قدس) حين جعل من السيد الخامنئي (دام ظله الوارف) خليفة له على ثورته وأمينا عليها. فها هو (دام ظله) استمر على النهج الخميني العظيم في مقارعة الظلم والطغيان الأمريكي الإسرائيلي البريطاني ومخططاتهم التي ارادت وبكل قوة استنزاف الاقتصاد والقوة العسكرية لنظام الجمهورية الإسلامية في ايران، ولكنه وبإيمانه (دام ظله) بالله تعالى بإعتصامه بالعروة الوثقى والتفاف شعبه الشريف حوله سيهزم الجمع ويولي دبرهم ان شاء الله تعالى.

(وهو ما يتبين بشكل جلي في الفكر الامامي الاثني عشري، الحامل في رحمه الاوليتين الاساسيتين: إقامة العدل في الأرض كهدف أساسي غير قابل للتغيير، وإن كان موضوع التشخيص مختلفا لدى بعض المدارس الامامية نفسها؛ والآليات المتفق عليها لإقامته، وهي الحدث الحسيني بما هو حراك اجتماعي مقدس يظل حاضرا في مسام العيش الاجتماعي الامامي الاثني عشري.

فجنبة تحقيق العدل في الأرض وجنبة آلية تحقيقه تظلان قائمتان بامتياز في الثورة الإسلامية في ايران)([25]).

المطلب الثاني: رؤية القائد ورسالته

        لكل قائد ناجح في أداء عمله داخل مؤسسته وخارجها رؤية يروم تحقيقها والوصول الى أهدافها ورسالة يطبقها على ارض الواقع، فالرؤية هي الوجهة المستقبلية للمؤسسة او هي (الحلم)، والتي تسعى الى تحقيقها على ارض الواقع من خلال خطة مدروسة، اي: كيف ترى المؤسسة نفسها في المستقبل، فهي المسار المستقبلي للمؤسسة الذي يحدد الوجهة التي ترغب في الوصول إليها: (الرؤية هي صورة المستقبل التي تقود المنظمة الى النجاح وتنبؤها ماذا ستصبح وماذا ستعمل في المستقبل. وبتعبير آخر: انها صورة ذهنية تتطلع لها المنظمة وتحث الخطى للوصول اليها في المستقبل عبر مسيرة طويلة وهي لا تبدو حقيقية الآن بل ستصبح حقيقة في المستقبل. هكذا فإن الرؤية استشراف المستقبل لمشاهدة الصورة المثالية التي نريدها، هذا على مستوى الفرد، أما على مستوى المنظمة فهي بضع كلمات تصف صورة المنظمة في المستقبل وتدفع كل فرد فيها للعمل مع زملاءه لبلوغ تلك الصورة)([26]).

فالقائد هو الذي يضع رؤيته ويخطط لإنجاحها حتى تتحقق في المستقبل (قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا)، نحن لا نقصد برؤيا نبي الله يوسف (عليه السلام) بأنها هي الرؤية بموضوعنا وفق التعريف اعلاه، وانما نقصد بالرؤية هنا الخطة التي اراد تحقيقها وقد حققها (عليه السلام). لذلك نلاحظه (عليه السلام) أورد مفردة (قد) في (قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا) وهي بطبيعة الحال تشير الى ان الامر في المستقبل، وهو دليل على ان الرؤية انما هي تخطيط للمستقبل.

والمهم بالأمر هو رؤية القرآن الكريم للمجتمع الإسلامي والذي يمكن ان تجيبنا عليه الآية المباركة في قوله تعالى: (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ)([27]).

فإن الوجهة المستقبلية والمسار المستقبلي للإسلام وما يسعى الى تحقيقه هو ان يجعل المؤمن هو الإمام وهو الوارث في الارض.

واما رسالة القائد فهي صورة المستقبل التي يتم نقلها للمجتمع وتوضح سبب وجود المؤسسة وأهدافها، فهي تتحدث عن الوضع الراهن (الحالي): (عبارة مختصرة، قليلة الفقرات، سهلة التذكر، توضح سبب وجود المنظمة وتصور أهدافها وإغراضها وترشد الإدارة والموظفين عند صنع القرارات الحاسمة الوثيقة الصلة باتجاه المنظمة ونشاطاتها في المستقبل. إنها رسالة للجميع تخبرهم من نحن كمنظمة وماذا نعمل؟)([28]).

وهكذا: (يسهم بيان الرسالة في تشخيص مجال الانطلاق في عملية التخطيط وبكافة طاقاته الحقيقية وتجاربه السابقة. فيمكن الافادة من هذه التجارب وما لا يسمح بأعادة نفس الأخطاء وما يجره ذلك من تبذير الموارد بسبب تكرار المعالجات غير الناجحة)([29]).

        ولعله يمكننا ان نستشرف من الكتاب الكريم بعض ما يوحي الى وجوب وجود رسالة للإنسان المكلف الواعي وذي البصيرة من قوله تعالى: (وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ)([30]).

فالقائد يحدد رسالته وهو عمل الصلاح في الدنيا؛ وهذا ما رأيناه وبشكل جلي في قادة الثورة الإسلامية في الجمهورية الإسلامية، إذ كان جل همهم هو نشر مفهوم الإصلاح بين افراد الامة.

(من الواضح ان اهداف الثورة الإسلامية التي انطلقت وتفجرت بقيادة الامام الخميني هي نفسها التي كان ينشدها الأنبياء، ولقد اتبع الامام بذلك طريق الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وآله) في توجيهاته وقيادته للثورة، فهو يخاطب مسلمي العالم ويطلب منهم الاعتماد على الباري عز وجل، فقط، دون الاعتماد على القوى الكبرى او الشياطين الكبار منهم والصغار، ويطلب منهم تحطيم القيود والتخلص من الاتفاقيات والقيود والعهود الجائرة (علاقة الظالم والمظلوم) وإبدالها بالميثاق الإلهي والوقوف الى جانب الشعوب الإسلامية في العالم)([31]).  

المبحث الثاني: القائد الناجح

المطـلب الأول: ما يجب ان يتوفر في القائد

لكي يتحلى القائد برؤية صحيحة لينهض بواقع أمته وثورته، فلابد من ان يتحلى بصفات نقية ومكتسبة من شأنها ان تعينه على تطبيق رؤيته ورسالته بالشكل الذي يرضي الله تعالى أولا والعترة الطاهرة ثانيا وأبناء امته ثالثا. ومن هذه الصفات:

  1. الاجتهاد في علوم الدين: إذ ان من الواجب ان يحرز القائد درجة الاجتهاد في المعارف الإسلامية، وهذه نقطة جوهرية جدا حيث انه واثناء قيادته سوف يواجه الكثير من المستحدثات التي تحتاج الى فتوى ورأي إسلامي يطابق الشريعة. وهذا الامر أي (الاجتهاد) يعصم المسيرة الإسلامية عن الوقوع بالخطأ لا سامح الله تعالى جهد الإمكان.
  2. خبرة في المجالات العلمية: لكي يواكب التطور العلمي والتكنولوجي.
  3. خبرة في المجالات الإدارية: وهذا الامر مهم بالنسبة للقيادة، اذ من شأنها النهوض في إنجاح المؤسسة واستقطاب الخبرات والمواهب واستثمارها في الأماكن الصحيحة.
  4. خبرة في مجال العلاقات الإنسانية: فكلما كان القائد منصهرا بمجتمعه ومتواصلا مع اتباعه تولد الحب بين الطرفين والحب يقود للأتباع كما قال تعالى: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ)([32]).
  5. له القدرة على معرفة الذات ومعرفة الآخرين: قد تكون هذه النقطة امتدادا للنقطة السابقة، فمن المهم جدا ان يتعرف القائد على الآخرين ويكون لينا بالتصرف معهم ويبتعد عن الغلظة قدر الإمكان، بل ويكون العفو والرحمة سجية في داخله، قال تعالى: (وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ)([33]).

وعليه، ستكون للقائد الامكانية لإستقراء المستقبل ووضع الخطط والحلول للمشاكل التي من المحتمل ان تواجه المجتمع الاسلامي. كما يجب ان يخلق القائد (روح الفريق) بين اعضاء مجموعته، قال تعالى: (قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَير فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجعَل بَينَكُم وَبَينَهُم رَدمًا)([34]). فهو يشير الى فضل الله تعالى لتوليه منصبه، هذا من جهة، ومن جهة اخرى يبين احتياجه الى اعضاء فريقه لإنجاح عمله فيعينوه بقوة، وهذا انما يكون من خلال ايمان الفريق بقائدهم وحبهم له وحبه لهم (وهذا هو ما يسمى بروح الفريق).

ومن جهة ثالثة، فلا يظن القائد انه وبجهده قد وصل الى منصبه، وانما هو تمكين من قبل الله تعالى (مَكَّنَّا لَهُۥ) كما في قوله تعالى: (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُۥ فِي ٱلأَرضِ وَءَاتَينَهُ مِن كُلِّ شَيء سَبَبا)([35]). وهكذا فإن القائد الناجح ينسب نجاحه دائما الى الله تعالى: (قَالَ هَذَا رحمة مِّن رَّبِّيۖ)([36]).

(بل ان العلاقة بين الزعيم الديني والشعب هي علاقة تقوم على أساس الايمان والاخوة الإسلامية وهي علاقة تخلو من شوائب الدكتاتورية والاستبداد وقد رأينا ذلك في علاقة الشعب مع قائده من خلال شعارات (الله اكبر خميني رهبر) ، (الله واحد خميني قائد))([37]).

المطلب الثاني: ميزات القائد الناجح

للقائد الإسلامي الناجح مميزات لابد ان تكون متوفرة فيه، منها:

  1. رؤية واضحة للمستقبل او ما يرغب في تحقيقه.
  2. الشجاعة، ان يكون على استعداد كامل لتحمل المخاطر لضمان النجاح.
  3. النزاهة وتعني الصدق الكامل وتطابق الافعال والاقوال كمدرسة السيد الخميني إذ كان شعارها (النجاة في الصدق).
  4. التواضع مع التزامن بالقوة والحزم.
  5. التخطيط الاستراتيجي، وتعني التطلع الى المستقبل ورسم دور المؤسسة للمستقبل.
  6. التركيز على نقاط القوة والضعف في المؤسسة.
  7. تسيير الآخرين بذكاء كما تقول الحكمة: (اذا اردت ان تطاع فأمر بالمستطاع).

وإذا كان الامر كذلك، فعلى القائد الاسلامي ان يبتعد في حكمه بإستخدام القوة والاكراه والتهديد والتخويف والخداع مع شعبه وأبناء امته، ومن خلال الاطلاع على ما هو عليه الآن في بعض الحكومات من استخدام أنواع من السلطة تجاه شعوبهم، مثل:

  1. سلطة القوة او الاكراه: وهذا النوع مرفوض وفق الرؤية القرآنية إذ يقول الله تبارك وتعالى: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)([38]). فلو كان لأحد حق في ممارسة الإكراه في الدين لكان لله تعالى خالق كل شيء ومؤسس سائر الأديان. ولكنه تعالى لم يمارس الإكراه في الدين بل منح الإنسان حرية تامة في اختيار دينه ومذهبه. ما دام الله لا يمارس الإكراه في الدين، فكيف يحق للمخلوق أن يتجاوز سنة ربه ويتملك من السلطة أكثر منه؟ كيف وإذا كان هذا المخلوق هو القائد؟!
  2. سلطة التهديد والتخويف: وهذا النوع مرفوض ايضا وفق الرؤية القرآنية كما في قوله تعالى: (فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ)([39]). فهذه هي سلطة المتجبرين والظلمة، وممن كان هكذا نظام حكمه هو طاغوت العراق الهدام الملعون في الدنيا والآخرة حيث تجرع الشعب العراقي الويلات وتحمل الآهات في تلك الحقبة المشؤومة.
  3. سلطة الخداع: كذلك مرفوضة وهي صفة المنافقين، قال تعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ)([40]).

وفي قبال هذه الأنواع من السلطات هي السلطة الشرعية المستوحاة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والتي تسمى اليوم بـ(حكومة رجل الدين) او (حكومة الولي الفقيه). وهذا ما يسعى الى تحقيقه كل مؤمن آمن بشرائع الله تعالى وانبياءه والمرسلين. لذلك، فإن القيادة الربانية هي التي يختارها الله تعالى ويصطفيها للمخلصين من خلقه، وفي عصر الغيبة الكبرى تكون هذه الحكومة هي انجح وأقوم قيادة، فيقوم القائد بإسم الله لينقذ عباد الله من الجهالة، وحيرة الضلالة.

(والمسألة التي يجب ان تحظى بالعناية هي حدود الاختيارات والمسؤوليات عند الفقيه، وقد يتصور البعض ان حدود ومسؤوليات الفقيه تنحصر في المسائل العبادية فقط، اما المسائل الأخرى كالتربوية والأخلاقية والسياسية والاجتماعية والعسكرية وغيرها فهي ليست من مسؤولية الفقيه وخارجة عن نطاق مسؤولياته، وهذا امر غير مقبول ولا يساورنك شك في خطئه… وهناك الكثير من الروايات التي نقلت عن الرسول والائمة تثبت ان زعامة المجتمع الإسلامي يجب ان تناط بالفقهاء أصحاب التقوى والمنزلة الرفيعة في حالة عدم وجود الرسول او الامام ويجب عليهم ان يقوموا بالواجبات من بعدهم)([41]).


([1]) الانصاري، محمد بن مكرم، لسان العرب، ج3، ص370.

([2]) السيد فرج، أصول القيادة ومشاهير القادة، ص4.

([3]) د. رافدة الحريري، مهارات القيادة التربوية في اتخاذ القرارات الإدارية، ص15-16.

([4]) سورة البقرة: الآية 124.

([5]) سورة الفرقان، الآية 24.

([6]) سورة ص، الآية 26.

([7]) سورة الأحزاب، الآية 21.

([8]) سورة الممتحنة، الآية 4.

([9]) سورة يوسف، الآية 55.

([10]) سورة يوسف، الآية 77.

([11]) سورة يوسف، الآية 90.

([12]) سورة يوسف، الآية 92.

([13]) سورة يوسف، الآية 101.

([14]) سورة النجم، الآية 39.

([15]) سورة يوسف، الآية 104.

([16]) سورة الكهف، الآية 88.

([17]) سورة البقرة، الآية 247.

([18]) القمي، عباس بن محمد، مفاتيح الجنان، ص199.

([19]) المجلسي، محمد باقر بن محمد تقي، بحار الانوار، ج20، ص152.

([20]) الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج1، ص191.

([21]) المصدر نفسه، ص109.

([22]) المصدر نفسه، ص123.

([23]) المصدر نفسه، ص219.

([24]) الآملي، عبد الله جوادي، الامام الخميني ثورة الحب الإلهي، ص264 – 265.

([25]) عبد العالي العبدوني، الثورة الإسلامية في ايران في افق تفكك البراديغمات الجاهزة، ص11.

([26]) د. مجيد الكرخي، التخطيط الاستراتيجي المبني على النتائج، ص131 – 132.

([27]) سورة القصص، الآية 5.

([28]) د. مجيد الكرخي، التخطيط الاستراتيجي المبني على النتائج، ص149.

([29]) د. هوشيار معروف، التخطيط الاستراتيجي، ص188.

([30]) سورة النمل، الآية 19.

([31]) حجة الإسلام رهبر، نظرة في البعد المعنوي للثورة الإسلامية في ايران، ص18.

([32]) سورة آل عمران، الآية 31.

([33]) سورة آل عمران، الآية 159.

([34]) سورة الكهف، الآية 95.

([35]) سورة الكهف، الآية 84.

([36]) سورة الكهف، الآية 98.

([37]) حجة الإسلام رهبر، نظرة في البعد المعنوي للثورة الإسلامية في ايران، ص27.

([38]) سورة البقرة، الآية 275.

([39]) سورة النازعات، الآية 24.

([40]) سورة النساء، الآية 142.

([41]) حجة الإسلام رهبر، نظرة في البعد المعنوي للثورة الإسلامية في ايران، ص22 – 23.

المنشورات الأخرى

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked with *

المنشورات الأخيرة

المحررون

الأكثر تعليقا

المقاطع المرئية