مؤتمر الأمام الخميني (قد) الثاني(من الخمني إلى الخامنئي, وحدة المسارة والمسيرة)

مؤتمر الأمام الخميني (قد) الثاني(من الخمني إلى الخامنئي, وحدة المسارة والمسيرة)

الفائز الاول:عباش شمس الدين, باحث مستقل, العنوان ولاية الفقيه، جدلية التأسيس، وفاعلية تكرار الأنموذج

مفاتح البحث: ولاية الفقيه، الجمهورية الإسلامية، الشيعة، الأغلبية، نظام الحكم، العراق، لبنان، البحرين.

ظلّ افتراض نجاح التجربة الثورية لنظرية (ولاية الفقيه) يُشكل قلقًا سياسيًا يراود أعداء الثورة الإسلامية أكثر من أنصارها، هذا القلق الذي حاول أعداؤها تصديره بعنوان الخوف من (تصدير الثورة) يعبّر بشكل بارز عن شعورهم بقوتها واندفاعها، وإيمانهم بوجود ما يدعو لاستمرارها وتفشيها في العالم الإسلامي.

لكنّ هذا الافتراض المبني على فهم سياسي محضّ قد لا يبدو منطقيًا في خلطة الخارطة الجغرافية التي قد لا تبدو متناغمة أو منسجمة لتكون مهيّأة لقبول الأفكار الثورية في بنيتها المعرفية (الأصولية والفقهية)، وعليه يمكننا طرح التساؤل الآتي:

هل كان ذلك استباقًا من أعداء الثورة لوأد التجربة من خلال طرح تشاؤمية مسبقة، أو طرح أنموذج مشوّه يصنعه أعداؤها يجعل تقبل التجربة مستحيلًا!؟

بعد ما يزيد على الأربعين عام من نجاح الثورة الإسلامية يمكننا الآن طرح تساؤلات جدّية بخصوص جدلية الخارطة الجغرافية الحقيقية الحاضنة لتكرار التجربة، بمعنى أكثر وضوحًا: هل يمكننا تقبل أن نجاحات ما في بقعة معينة تحقق ضمانات لنجاحات مماثلة في أماكن مغايرة؟

للوهلة الأولى؛ يبدو (العراق) بسبب طبيعة ارتباطاته الجغرافية والسياسية والاجتماعية والعقدية الفرصة الأنسب لتكرار تجربة (ولاية الفقيه)، ثم يبدأ افتراض كل من (لبنان)، و (البحرين) كمحلين محتملين للتجربة مقبولًا، ومبررات “مذهبية التجربة” هي التي تدعو لصنع هكذا افتراضات تتكهن بنجاحات مسبقة. تليها دول أخرى كأذربيجان واليمن يمكنها ان تكون حواضن لتكرار تجربة نظام حكم مبني على نظرية ولاية الفقيه.

هذه الفكرة تتعالى على عقبات رئيسة في المسألة، يتعلّق بعضها في طبيعة الحاضنة الاجتماعية أو السياسية أو الثقافية في البلدان الثلاثة الأولى؛ فهي بلدان تمتلك قرابات عقدية مع التجربة، لكنّها في الوقت نفسه تمتلك بيئة قد تكون معاندة أو رافضة لها لا يمكن تجاوزها، فقياس طبيعة التديّن والوعي الثوريّ والتثقيف الفقهي والسياسي للتجربة في إيران، وضعف ذلك في هذه البلدان يجعل من افتراض جغرافية التجربة فيها غير قابلة للتطبيق والمراهنة على النجاح بذات السهولة التي يتمناها كثير من قاطني هذه البلدان.

لا يمكن طرح البحرين أنموذجًا قابلًا للتطبيق، وكذا لبنان؛ فصغر المساحة الجغرافية لكليهما غير مؤهلة لصنع قوة فاعلة قادرة على الحماية الذاتية داخل الإقليم تمنح تكرار التجربة ديمومتها، أضف إلى ذلك طبيعة البحرين المتميزة بوجود قوة حاكمة صغيرة قاهرة تساندها بيئة محيطة معاندة للسكان، أما في لبنان فوجود مكونات غير إسلامية بنسب عالية كفيلة برفض تقبل التجربة وطرحها بديلًا لوجودهم وانتماءاتهم الدينية والسياسية.

لقد طرح أنصار الله الحوثيون أنفسهم بديلًا ثوريًا في العملية السياسية في اليمن؛ وقد تجاوزوا التنظير الفئوي الجزئي في رؤيتهم للداخل والخارج على حدّ سواء، وقدموا رؤية سياسية تتجاوز الانتماء التقليدي الخاضع لتجاذبات القبلية والمذهبية والتجاور المتأثر بالحدود القريبة، ولقد خضعوا لضغوط عسكرية قاسية فرضت معادلة وجود راسخة لهم. وما يميّز اليمن ليكون الحاضنة أكثر تفاؤلًا في نجاح تجربة (ولاية الفقيه) تلك النظرة الشمولية عند الحوثيين، والمرونة التفاوضية مع الأطراف الإسلامية الأخرى في اليمن، وهو ما يفتقره – على سبيل المثال – الفرقاء الإسلاميون في العراق، فهم متناحرون تتجاذبهم مساحات ضيقة في الطرح والانتماء. لقد طرح اليمنيون تصورات لوجودهم خارجيًا، وتحرّكوا في سبيل ذلك، ومع حضور عقبة الخلاف الفقهيّ، أو العقديّ إلّا أن تطويع نظرية (ولاية الفقيه) لتتلاءم مع اليمن لا يبدو مستحيلًا، أو مرفوضًا.

أما في أذربيجان فالأمر وإن بدا في غاية الصعوبة هناك؛ نتيجة آثار الحكم الشيوعي التي امتدت لسبعة عقود محيت فيها الآثار الحقيقية للالتزام بمذهب أهل البيت، لكن هل يمكن بعد ذلك التفكير في إقامة حكم إسلامي مقارب أو مطابق لنظام ولاية الفقيه فيها، ولو بعد حين؟

هذا البحث محاولة لتحديد هذه التساؤلات وفق ترتيبها المنطقي ومحاولة الإجابة عليها.

  1. يستعمل أهل البيت عليهم السلام لفظ (الولاية) مثلما يستعملها القرآن المجيد، بما وضعت له من استعمالات متعددة، وعلى خطاهم سار سائر علمائنا. وهذه اللفظة في الحقيقة جامعة لمعاني (النصرة) و (السلطة) و (الحكم) و (القيمومة) و (المحبة) و (الأولوية على الذات)[1]، وعندما يكون للموضوع جنبة سياسية فإن معنى الحكم السلطة والقيمومة على الغير هو المعنى الأبرز منها، وبحثنا هنا إنما يتحدث عن هذا المعنى حصرًا وهو سلطان/ حكومة/ قيمومة الفقيه العادل الاثني عشري في عصر الغيبة على الشأن العام وإدارة الشؤون العامة للناس. وقد ورد قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾ (المائدة: 55-56) بهذا المعنى، فالآية تبين أن الولاية في الحقيقة هي لله سبحانه وتعالى، فالله عز وجل هو الذي خلق الإنسان وأسكنه الأرض وإليه يرجع الأمر كله. وهذه الولاية الإلهية ممثلة بولاية النبي، والتي شرح القرآن الكريم معناها في قوله تعالى: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾ (الأحزاب: 6). وكونه أولى بالمؤمن من نفسه، بمعنى أنه أولى به منه في التصرف في شتى الملكات والحقوق التي يملكها لنفسه، فهو أولى به من نفسه في قضايا الحكم والقضاء والاجتماع وغيرها… وإن إرادته سبحانه وخياره مقدَّمان على خيار وإرادة أي مؤمن. وهذه الولاية التي أكدها النبي صلى الله عليه وآله، وأكد على استمرارها بعده في اثني عشر إماماً من خلال الأحاديث المتعددة، وحديث غدير خم من أهمها إذ قال صلى الله عليه وآله بعد أن أخذ بيد على عليه السلام: “ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ من كنت مولاه، فهذا علي مولاه” .[2] لقد كانت ولاية الفقيه في عصر غيبة الإمام، امتداداً لولاية المعصوم، ليقوم حاملها بسد الفراغ على المستويات الاجتماعية والسياسية وغيرها. فولاية الفقيه التي نحن نتناول ببحثنا هذا خصائصها وتطبيقاتها هي نيابة عن الإمام الغائب في قيادة الأمة وإقامة حكم الله تعالى على الأرض مستمدة منه، فهي شهاب من قبسه، وجذوة من نوره، وفرع من دوحته ولذلك قالوا: ان ولاية الفقيه “حاكمية المجتهد الجامع للشرائط في عصر الغيبة “.

وعلى الرغم- كما سمعت من أن لها جذورًا تراثية فقهية، ومساندة عقلية طبعية- فلطالما التصق مصطلح (ولاية الفقيه) بالسيد روح الله الخميني، على الرغم أننا نجد طريقًا طويلًا ممهدًا من قبل علماء إجلاء وفقهاء أكابر سبق أن سلكوا هذا الطريق ومهدوا له وأقاموا عوجه، مستندين على تراث جرى على لسان الأئمة عليهم السلام ابتداء من تشريعهم القيام بالحكم كضرورة عقلية [3] واشتراطهم العدل لديمومته [4] وانتهاء بتنصيب الفقهاء العدول حكامًا يحرم عصيانهم والتمرد عليهم.[5] فبذور ولاية الفقيه موجودة في صريح أحاديثهم عليهم السلام.

وقد ورد في كلام علمائنا ما يشير ويؤكد ذلك، منذ عصر المفيد إلى عصر الخميني فقد قال الشيخ المفيد (336- 413 هـ) في باب الأمر بالمعروف والجهاد: “فأما إقامة الحدود، فهو إلى سلطان الإسلام المنصوب من قبل الله تعالى، وهم أئمة الهدى من آل محمد عليهم السلام، ومن نصبوه لذلك من الأمراء والحكام، وقد فوضوا النظر فيه إلى فقهاء شيعتهم مع الإمكان” .[6]

أما الحلبي (374–447 هـ): فيقول في باب القضاء: “تنفيذ الأحكام الشرعية والحكم بمقتضى التعبد فيها من فروض الأئمة عليهم السلام المختصة بهم دون من عداهم ممن لم يؤهلوه لذلك، فإن تعذر تنفيذها بهم عليهم السلام وبالمأهول لها من قبلهم لأحد الأسباب لم يجز لغير شيعتهم تولّي ذلك ولا التحاكم إليه ولا التوصل بحكمه إلى الحق ولا تقليده الحكم من الاختيار، ولا لمن لم يتكامل له شروط النائب عن الإمام في الحكم من شيعته، وهي: العلم بالحق في الحكم المردود إليه، والتمكن من إمضائه على وجهه، واجتماع العقل والرأي وسعة الحلم والبصيرة، وظهور العدالة والورع والتدين بالحكم، والقدرة على القيام به، ووضعه في مواضعه… فهو نائب عن ولي الأمر -عليه السلام- في الحكم، ومأهول له لثبوت الإذن منه وآبائه عليهم السلام لمن كان بصفته في ذلك، ولا يحل له القعود عنه”[7].

وأُسندت إلى الشهيد الأول فكرة نيابة الفقيه عن الإمام الغائب في رسالته الفقهية (اللمعة الدمشقية)، إذ ذكر فيها ولأول مرة عبارة (نائب الإمام)، ولعله أول فقيه، من فقهاء الإمامية ممن يصرح بولاية الفقيه. وفي هذا المجال، تشير بعض المعطيات التاريخية إلى أن الشهيد قد باشر بتطبيق هذه الفكرة، حيث شرع العمل في المناطق والمدن المجاورة لمنطقته الجبلية بعيداً عن أعين السلطة في دمشق، وعين– من أجل ذلك- له نواب على المناطق وبعض المدن كطرابلس وغيرها. [8]

فيما ذهب المحقق الكركي (868–940 هـ): المعروف بالمحقّق الثاني إلى القول إنه: “اتفق أصحابنا رضوان الله عليهم على أنَّ الفقيه العدل الإمامي الجامع لشرائط الفتوى، المعبر عنه بالمجتهد في الأحكام الشرعية نائب من قبل أئمة الهدى صلوات الله وسلامه عليهم في حال الغيبة في جميع ما للنيابة فيه مدخل– وربما استثنى الأصحاب القتل والحدود مطلقاً– فيجب التحاكم إليه والانقياد إلى حكمه، وله أن يبيع مال الممتنع من أداء الحق إن احتيج إليه، ويلي أموال الغياب والأطفال والسفهاء والمفلسين، ويتصرف على المحجور عليهم، إلى آخر ما يثبت للحاكم المنصوب من قبل الإمام -عليه السلام-” [9].

ويقول الشهيد الثاني (911-966 هـ): مثبتًا الولاية للفقيه، مستثنيًا الجهاد الابتدائي. “فالفقيه في حال الغيبة، وإن كان منصوباً للمصالح العامة، لا يجوز له مباشرة أمر الجهاد بالمعنى الأول” [10].

وفي بدايات القرن التاسع عشر الميلادي، عمل الفقيه الشيعي أحمد بن مهدي النراقي (1185-1245 هـ)، على مناقشة نظرية ولاية الفقيه في كتابه “عوائد الأيام في مهمات أدلة الأحكام”. وهو الذي كان أول من استعمل المصطلح بصورته الحالية (ولاية الفقيه) فيقول: “إنَّ كلية ما للفقيه العادل توليه وله الولاية فيه أمران: أحدهما كل ما كان للنبي والإمام ـ الذين هم سلاطين الأنام وحصون الإسلام ـ فيه الولاية وكان لهم، فللفقيه أيضاً ذلك، إلا ما أخرجه الدليل بإجماع أو نص أو غيرهما، وثانيهما أنَّ كل فعل متعلق بأمور العباد في دينهم ودنياهم ولا بدَّ من الإتيان به ولا مفرَّ منه” [11].

فيما يذهب المحقق النجفي (ت 1266 هـ) إلى القول بانه: “لولا عموم الولاية لبقي كثير من الأمور المتعلقة بشيعتهم معطلة” ويستغرب من التشكيك في الأمر فيقول : “فمن الغريب وسوسة بعض الناس في ذلك، بل كأنَّه ما ذاق من طعم الفقه شيئاً، ولا فهم من لحن قولهم ورموزهم أمراً، ولا تأمل المراد من قولهم: إنِّي جعلته عليهم حاكماً وقاضياً وحجة وخليفة ونحو ذلك مما يظهر منه إرادة نظم زمان الغيبة لشيعتهم في كثير من الأمور الراجعة إليه”.[12]

ويخلص الشيخ الأنصاري (1214-1281 هـ): بالقول: “وعلى أيِّ تقدير، فقد ظهر مما ذكرنا أنَّ ما دلَّت عليه هذه الأدلة هو ثبوت الولاية للفقيه في الأمور التي يكون مشروعية إيجادها في الخارج مفروغاً عنها.” [13]

ويؤكد الشيخ رضا الهمداني (1240-1322 هـ) مذهب اسلافه من العلماء فيقول: “لكنَّ الذي يظهر بالتدبر… إقامة الفقيه المتمسك برواياتهم مقامه؛ بإرجاع عوام الشيعة إليه في كل ما يكون الإمام مرجعاً فيه كي لا يبقى شيعته متحيرين في أزمنة الغيبة”. [14]

ويقول الإمام الخميني (1320-1409 ه): “ولاية الفقيه من المواضيع التي يوجب تصورها التصديق بها، فهي لا تحتاج لأية برهنة، وذلك بمعنى أنَّ كلَّ من أدرك العقائد والأحكام الإسلامية– ولو إجمالاً– وبمجرد أن يصل على ولاية الفقيه ويتصورها فسيصدق بها فوراً وسيجدها ضرورة وبديهية”. [15]

  • لم يكتفِ الإمام الخميني بإقامة الأدلة على ولاية الفقيه، بل سعى إلى تطبيقها على أرض الواقع فأقام جمهورية شيّد أركانها وأُسسها على هذا المبدأ. فمع قيام الجمهورية الإسلامية، دخلت مسألة ولاية الفقيه في القانون الأساسي للدولة في تطور تاريخي جديد لهذه المسألة، وقد أُحصي ستة عشر مورداً في دستور الجمهورية الإسلامية في إيران تتناول موضوع ولاية الفقيه، ففي مقدمة الدستور كُتب: “تمشياً مع ولاية الأمـر والإمـامـة، يهيئ الدستور الظروف المناسبة لتحقيق قيادة الفقيه جامع الشرائط الذي يعترف به الناس قائداً لهم وفقاً للحديث الشريف “مجاري الأمور بيد العلماء بالله، الأمـناء على حلاله وحرامه”. وبذلك يضمن الدستور صيانة الأجهزة المختلفة من الانحراف عن وظائفها الإسلامية الأصيلة. وورد في المادة الخامسة: “في زمن غيبة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) تكون ولاية الأمر وإمامة الأمة في جمهورية إيران الإسلامية بيد الفقيه العادل، المتقي، البصير بأمور العصر؛ الشجاع القادر على الإدارة والتدبير..”. [16]

ولا بد أن ينتبه أي عابر فضلًا عن المتبصر أن لولاية الفقيه مرحلتين هما: النظرية والتي بيّنا اعتناقها من عدد كبير من علماء الشيعة سعة وضيقًا، وبين ممارستها على أرض الواقع، فقد تمنع الظروف السياسية والأمنية الفقيه من ممارسة أدنى درجات ولاية الفقيه فلا يقدر على ممارسة الأمور الحسبية المحدودة، وقد ينتزع الفقيه من فم التاريخ ولاية الفقيه العامة المطلقة ويدرّعها بكيان سياسي ودولة رصينة وقوية.

  • الخاصة (الحسبية) في غالب الأمر لا تحتاج إلى قوة ساندة أو دولة راعية، فمن ذا الذي بالغًا ما بلغ طغيانه يهتم لأموال مجموعة من اليتامى والمعاقين أن يتولى رعايتها فقيه أو أكثر، إنما تتزلزل العوالم وتُجيش الجيوش عندما يطالب الفقيه بكرسي الحكم الذي لولاه لن تجد الولاية العامة مكانًا لها تحت الشمس ولا للوائها نشرًا ولا لأحكامها فرشًا.[17]

لقد حاولت الأنظمة توظيف الفقه التقليدي المعاند لفقه الولاية للضبط الاجتماعي عبر أدوات سلطة الخطاب الديني خصوصًا الفتوى وخطب الجمعة، مثل ما فعل الشيخ فضل الله النوري، الذي استعان به الشاه محمد علي مظفر الدين لقمع الثورة المشروطة في إيران. في قبال ذلك نشأ حراك فكري لدى طائفة من الفقهاء الحركيين قعّدت أصوليًّا للكثير من الحراكات المهمة في مطلع القرن الأخير، منها- على سبيل المثال- ما صدر من علماء النجف أوائل القرن العشرين على لسان الآخوند محمد كاظم الخرساني من فتوى تقول بأن موافقة ومساعدة كل مخالف للمشروطة القويم (الثورة الدستورية في إيران) والتعرض للمحامين عنها “هو محاربة لإمام العصر”. وسرى الميرزا النائيني مسراه وهو المؤيد الأبرز لثورة المشروطة فألف كتاب المفصلي (تنبيه الأمة وتنزيه الملة)، الذي حظي بتأييد معظم فقهاء النجف آنذاك. ليستمر حراك الإسلام السياسي الشيعي ويختم بالثورة الإسلامية في إيران متبلورًا بنظرية (الولاية المطلقة العامة للفقيه)، الذي يعنى بخطاب (شامل) يغطي كافة جوانب النشاطات الإنسانية الاجتماعية، وأنواع الحقوق والواجبات للدولة كما للفرد. أن وجود نظام سياسي حام للنظرية وابن لها في الوقت عينه هو الطريقة الوحيدة لتطبيقها وحمايتها من الداخل الفقهي قبل الخارج اللاديني.

  • بالبيعة، ولا غيبة عندهم، والإمَامة الزيدية هي: “رئاسَة عامّة لشخص واحِدٍ في أمورٍ مخصوصةٍ على وجهٍ لا يكون فوقَ يدهِ يد مَخلوق”[18]، فلا يتنزل الأمر إلى مرتبة أدنى تصل إلى الفقيه، والأمر ينطبق على الإسماعيلية بشطريها، فلا تصل النوبة إلى الفقهاء الإسماعيلية في الحكم لوجود أئمتهم المستقرين منهم والمستودعين، والأمر كذلك بالنسبة لخوارج عمان الاباضية.

ومن البديهي أن نجد تنافرًا بين النظرية الإسلامية السنية للحاكم وبين نظرية ولاية الفقيه ونظريات الحكم الشيعية الأخرى كولاية الأمة وغيرها، لاختلاف المستند والمرجعيات، ونظرية ولاية الفقيه لا وجود لها بالخصوص عند أهل السنة، لأن الرتبة الأعلى حاضرة وهي مسألة الإمامة، وهم يشترطون العلم في الإمام؛ فهم لا يرون شخصاً معيناً ذا ولاية، وإنما يأتي الإمام عن طريق التشاور من الأمة. وعندما يصح التساؤل حول ولاية الفقيه من عدمها في الفقه ونظرية الحكم الشيعي؛ تظهر المشكلة محلولة في الفقه السني، لأن كل من حوى الشروط المذكورة وانتخبه أهل الحل والعقد صار إماماً. فلا معنى لنيابة فقيه عنه لأنه هو الذي يعين من يشاء من مسؤولين وأصحاب مناصب. ويتحدث ابن خلدون عن منصب الإمامة فيقول: “وإذا تقرّر أنّ هذا النّصب واجب بإجماع فهو من فروض الكفاية وراجع إلى اختيار أهل العقد والحلّ فيتعيّن عليهم نصبه ويجب على الخلق جميعًا طاعته لقوله تعالى: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ..﴾ (النساء: 59). وأمّا شروط هذا المنصب فهي أربعة: العلم، والعدالة، والكفاية، وسلامة الحواسّ والأعضاء ممّا يؤثّر في الرّأي والعمل. واختلف في شرط خامس وهو النّسب القرشيّ، فأمّا اشتراط العلم فظاهر لأنّه إنّما يكون منفّذًا لأحكام الله تعالى إذا كان عالما بها وما لم يعلمها لا يصحّ تقديمه لها ولا يكفي من العلم إلّا أن يكون مجتهدًا لأنّ التّقليد نقص؛ والإمامة تستدعي الكمال في الأوصاف والأحوال، وأمّا العدالة فلأنّه منصب دينيّ ينظر في سائر المناصب الّتي هي شرط فيها فكان أولى باشتراطها فيه.

ولا خلاف في انتفاء العدالة فيه بفسق الجوارح من ارتكاب المحظورات وأمثالها وفي انتفائها بالبدع الاعتقاديّة خلاف.

وأمّا الكفاية فهو أن يكون جريئًا على إقامة الحدود واقتحام الحروب بصيرًا بها كفيلًا يحمل النّاس عليها عارفا بالعصبيّة وأحوال الدّهاء قويًّا على معاناة السّياسة ليصحّ له بذلك ما جعل إليه من حماية الدّين وجهاد العدوّ وإقامة الأحكام وتدبير المصالح.

وأمّا سلامة الحواسّ والأعضاء من النّقص والعطلة كالجنون والعمى والصّمم والخرس وما يؤثّر فقده من الأعضاء في العمل كفقد اليدين والرّجلين والأنثيين فتشترط السّلامة منها كلّها لتأثير ذلك في تمام عمله وقيامه بما جعل إليه وإن كان إنّما يشين في المنظر فقط كفقد احدى هذه الأعضاء فشرط السّلامة منه شرط كمال..”[19]

ويظهر كلامه أن بين كل فقيه وإمام عموم وخصوص، فلا يستحق الفقيه الإمامة والولاية من الأصل، بل يشترط بالحاكم أن يكون فقيهًا.

وبعد أن استعرضنا موقف المذاهب الإسلامية القائمة في عالمنا المعاصر وهي السنية بعقائده الأشعرية والماتُريدية والسلفية، بمذاهبها الأربعة، وبمذاهب: الزيدية والإسماعيلية والاباضية، من نظرية ولاية الفقيه، سنخلص إلى النتائج الآتية:

  • العالم الإسلامي يضم اليوم 57 دولة منظمة إلى منظمة التعاون الإسلامي وهناك ثلاث دول أخرى تمتلك غالبية مسلمة، وتتنوع نُظم الحكم في هذه الدول ما بين ملكية وأميرية وسُلطانية وجمهورية. لكن من كل هذه الدول لا توجد غالبية شيعية إلا في خمس دول هي إيران والعراق والبحرين ولبنان وأذربيجان، ويجب التفكير باليمن سادسًا على اعتبار أن نظام الحكم الحالي محسوب على الشيعة بالمعنى الأعم. هذه الدول كما خلصنا هي البيئات الممكنة نظريًا لإقامة نظام حكم قائم على نظرية ولاية الفقيه؛ لأن البنية المذهبية التحتية مناسب لإقامتها، وعلينا أن نستبعد إيران لأن النظام قائم فيها بالفعل؛ فيتبقى لنا من المحتملات خمسة.
  • 44 سنة فلا داعي للبدء من الصفر. في البحث الموسوم (لماذا انتصرت الثورة الإسلامية في إيران: عباس شمس الدين 2023)، حدد الباحث مجموعة من العوامل المؤسسة لانتصار الثورة الإسلامية، ففي حين ناقش عوامل عدة خلص إلى أن الشخصية الاستثنائية للإمام الخميني كان العامل الأكبر في نجاح الثورة الإسلامية ومن ثم قيام الجمهورية الإسلامية وفق نموذج ولاية الفقيه التي نظر لها وأنضجها إنضاجًا عمليًا، ومن ضمن العوامل: هي الأيدلوجية والاستعداد للفداء، وقوة المرجعية الروحية، وأخطاء النظام السابق، العامل الاقتصادي المزري، ونظرية الحداثة الفاشلة، والعامل النفسي المتأرجح بين ضعف الشاه النفسي والصحي والقوة الجبارة للإمام الخميني. لقد أُحصيت ستًا من النظريات التي تحاول تفسير نجاح الثورة الإسلامية بهذه القوة والسرعة والحسم، فاختارت معظمها سببًا رئيسًا واحدًا مفردًا لتفسير هذا الانتصار، وهذه النظريات هي: نظرية التآمر[20]، ونظرية الإخفاق التحديثي[21]، والنظرية الاقتصادية [22]، والنظرية الدينية [23]، والنظرية الديكتاتورية [24]، ونظرية القيادة الدينية. [25]

لكن يمكن الادعاء هنا أن هناك فاصلًا وتمايزًا بين الثورة الإسلامية، وبين قيام نظام ولاية الفقيه، وهذا مما لا يُجادل فيه، فإن معظم الفاعلين في الثورة لم يكونوا من دعاة هذه النظرية، بل ربما لم يسمع السواد الأعظم بها حتى من بين المؤمنين بالإسلام والمتحمسين له. لقد كانت شخصية الإمام الخميني (رض) بخصائصه المتفردة العرفانية والسياسية والفقهية والشخصية وحدها التي لها القدرة على قلب نظام بهذه الوحشية والدموية والرسوخ التاريخي والعسكري والمدني والمدعوم دوليًا بشكل واسع للغاية، ثم إقامة نظام بديل معاكس ثم الحفاظ عليه وسط حروب متعددة وحصار خانق، وعملية بناء مادي ومعنوي تقارب البدء من الصفر. متبنو هذه النظرية يرجحون أنه أي قيادة بارزة كانت في إيران في ذلك الحين لم تكن لها القدرة على الوصول بالثورة إلى الدولة. إن التغيير الذي طرأ على فكر الإمام الخميني وعلى العلامة مطهري بعد عام 1390 هجري من إمكانية حكم علماء الدين للأمة، لم يتح له السعة والانتشار الإعلاميين ليصل إلى طبقات المثقفين والمثقفين الثوريين والنخب الاجتماعية ناهيك عن الطبقات الواسعة من الشعب، بل ظل عديد من الناس يتذكرون أن كلا العالمين كانا لا يعتقدان بإمكانية حكم علماء الدين، كان آية الله مطهري يقول (حول الثورة الإسلامية ـ قم ـ صدرا ص 87): “إن ولاية الفقيه تأخذ دور المنظّر الأيديولوجي وليس الحاكم. وفي رأيه، لا أحد في بحر التاريخ كان يتصور أنّ ولاية الفقيه تعني الحكم”. (عباس شمس الدين: 2023).

إن عوامل نجاح الثورة غير عوامل نجاح نظام الولاية، على الرغم من أن التمييز بينهما يحتاج إلى بصيرة نافذة وتدقيق تشريحي.

  • 734ــ 786 هـ (من أبرز دعاة ولاية الفقيه، فيما عاصر المحقق الكركي (ت 940 ه) صعود الدولة الصفوية، معلنًا بصراحة قيام الدعوة الشيعية، وأصبح المحقق الكركي شيخ الإسلام في زمن إسماعيل الصفوي، ونائباً للإمام في زمن طهماسب، الذي أصدر فرماناً شهيراً عُدّ أول نص مصاغ بلغة قانونية وسياسية وفقهية معاصرة تتشكل فيه رؤية واقعية بوضوح نظري تام لمبدأ ولاية الفقيه. لقد تضمن الفرمان بشكل لا جدال فيه اعترافاً بولاية الفقيه ونيابته عن المعصوم وبالتالي على وجوب طاعته وحرمة مخالفته، ولا يبدو النص بالصيغة التي قدم فيها توصيلاً من (الشاه) إلى المؤسسات والدوائر السلطوية في الدولة الصفوية وإنما يبدو أمراً تكليفياً موجهاً لكل الناس. ولم يكن فيه أي إشارة للسلطان أو موقعه في حق إصدار الأمر كما لم يشر إلى أي نوع من أنواع مشاركة الشاه للفقيه في الولاية على الأمة، وفي هذه الصيغة ما يكفي من الدلالة على حجم ولاية الفقيه التي أراد النص التأكيد عليها والتي تشمل فيمن تشمل الولاية على الشاه نفسه.[26] وبذلك فإن حكم الفقيه بشعار ولاية الفقيه وإن كان بتوسط الشاه الصفوي، لم يكن غريبًا عن الذائقة الإيرانية. وهذه الذكرى التي ظلت حية كانت عاملًا مساعدًا في إزالة النفور المتوقع من حكم ديني بعد حكم علماني دام لعدة قرون.
  • يشكل الشيعة مًا نسبته 70 % تقريبًا من حجم السكان، ما يوفر لهم نفوذًا سياسيًا كبيرًا، وعلى الرغم من ان التوافقات السياسية وبعض فقرات الدستور الحالي الذي كتب عام 2005 قد كبلت أيديهم بالحكم الاغلبي الا ان المنصب التنفيذي الأول، ومع وجود مصادر الدخل الكبرى في الزراعة وإنتاج النفط في المناطق التي يعيش فيها الشيعة في العراق، فإن ذلك يمنحهم قدرة فائقة نظريًا على توجيه السياسة في العراق. ويشكل شيعة البحرين ما بين 70 – 75 % قبل موجات التجنيس الطائفي الذي يمارسه النظام الحاكم لإحداث خلل في التكوين الديموغرافي، ويعيش الشيعة هناك تحت ظل نظام حكم طاغ، تُعينه السعودية بالدعم الأمني والعسكري والاقتصادي على قمع كل ممارسة سياسية شيعية فيه، مما يجعل الصوت الشيعي مخنوقًا إلى درجة لا تطاق. أما في لبنان فالوضع افضل بكثير جدًا، فعلى الرغم من وجود نظام توافقي رسخه اتفاق الطائف الذي يقضي بالمثالثة بين الشيعة والسنة والمسيحيين، الا ان اقتراب أو تخطي شيعة لبنان من نسبة الـ 50 %، وعزوف المسيحيين في لبنان عن البقاء فيه سيجعل الشيعة هم الأغلبية البسيطة أو العظمى خلال بضعة عقود. وتتراوح نسبة الشيعة في أذربيجان ما بين 70 –80 % من السكان، لكن نظام الحكم القمعي يكبت كل نشاط ديني فيها، ويميل بجناحه إلى الكيان الغاصب لفلسطين.

على الرغم من أن الشيعة لا يشكلون إلا نسبة ضئيلة في الهند إلا أن أعدادهم هناك تتخطى الـ 60 مليون شيعي هناك، مع 35 مليونًا في باكستان مشكلين نسبة الربع فيها، و 27 و 20 مليونًا في إندونيسيا ونيجيريا على التوالي. وهي نسب كبيرة من إسكان يمكنها التفكير بإدارة ذاتية أو أقاليم مستقلة، وهو ما ينطبق على بلدان أخرى.

كما أن الانتباه لخطورة النزعات الوطنية المعادية للأيدلوجية الإسلامية سيكون مهمًا للالتفات إلى أحد أهم المهددات لتجربة وان كانت تظهر غير معادية للنظام الوطني، كما هو حال تجربة حكم ولاية الفقيه، إلا أنها في الحصيلة النهائية ليست متفقة معه.

وقد تعاني لبنان من تأثير الاختلاف الديني أشد من بقية الدول المرشحة لعضوية نادي جمهوريات الولي الفقيه؛ بسبب وجود تاريخ مشتبك بدعاوى عنصرية من عديد من الأحزاب المسيحية وتاريخ دموي كانت ذروته الحرب اللبنانية (1975-1990) ما يجعل من التفكير بإقامة ولاية دينية في لبنان أمرًا في غاية التعقيد، قد ينحسر فيما لو تواصل النزوح المسيحي خارج لبنان، أو اتساع شعبية الحركات الساعية لحكم الولي الفقيه في أوساط المختلف دينيًا، كما ان لبنان ولاية الفقيه تواجه صعوبة لا تقل شدة عن معارضة الوجود المسيحي، ممثلة بسنة لبنان، الذي يلعب جزءًا كبيرًا منهم كسفير لما يعرف بالدول السنية الكبرى لا سيما السعودية، ما يجعل الفكرة (فكرة تطبيق ولاية الفقيه) هي انتصار ايراني ساحق، لمجرد طرحها نظريًا أو اعتبارها سائغة في التفكير، لكن الأصعب ربما في الملف اللبناني ان شطرًا من الشيعة له وزن في الساحة اللبنانية الشيعية المقاومة قد يبدو من اشد المعارضين لتطبيق نظام ولاية الفقيه في لبنان، وهم حركة أمل والمجلس السياسي الشيعي الأعلى، لانهما بُنيا وتربيا على فكر مجموعة من العلماء عارضت ولاية الفقيه كالراحل محمد مهدي شمس الدين (ت 2001) في (نظام الحكم والإدارة في الإسلام: الطبعة الثانية: 1992) ومحمد جواد معنية في (الخميني والدولة الإسلامية: 1979 (، وعلى الرغم من حزب الله اعلن بصراحة انه ليس لديه مشروع حكم في الوقت الراهن، الا انه أكد ان مشروعه “الذي لا خيار لنا أن نتبنى غيره، كوننا مؤمنين عقائديين، هو مشروع دولة إسلامية وأن يكون لبنان ليس جمهورية إسلامية واحدة، وإنما جزء من الجمهورية الإسلامية الكبرى، التي يحكمها صاحب الزمان ونائبه بالحق الولي الفقيه الإمام الخميني”. [27]

  1. لا يبدو العراق أقل تعقيدًا من المشهد اللبناني، فعلى الرغم من أنه الأقرب إلى مهيئات النجاح؛ بحكم القرب الجغرافي الملاصق للتجربة الناجحة لحكم ولاية الفقيه ما يوفر دعمًا جغرافيًا لا ينكر، وحدودًا طويلة داعمة اقتصاديًا وعسكريًا، واختلاط سكاني قديم، وتشابه البنية الحوزوية وعراقتها، وترسخ الأفكار السياسية الدينية منذ نهاية الستينيات داخل المنظومة الفكرية الشيعية في العراق، بل كونها البقعة التي انطلق منها التنظير المعاصر لولاية الفقيه، ووجود تعاون منذ بدء الثورة الإسلامية في إيران بين الطرفين الشيعيين العقائديين، إلا أن لدى العراق تحديات مختلفة، منها التحدي الانفصالي الممثل بالأكراد اللذين في غالبيتهم العظمى ينتهجون نهجًا معاديًا للسلطة المركزية، والتي لا يجدون بدا وفق الظروف الحالية من مسايرتها، والعامل الإضافي صبغتهم الطائفية التي تركز النفرة من الحكم الشيعي بأي هوية قدم نفسه، ناهيك أن حسابهم العراقي المعادي للسلطة يضاف له الحساب المعادي لها على الجانب الإيراني منذ نجاح الثورة الإسلامية وفشل تمردهم الكبير حينها على الولي الفقيه، ما يجعل من شبه المستحيل إيجاد فرصة للتوافق معه على فكرة حكم إسلامي بالغ ما بلغت ليونته وتساهله، ويشتد الأمر في الحركات الإسلامية الكردية التي وان دعمتها الجمهورية الإسلامية طويلًا، إلا أنها من المستحيل عمليًا التفكير بقبولها بحكم ولاية الفقيه في العراق.

في الجهة الأخرى، يتراكم الرفض عند أهل السنة في العراق لرسوخ تاريخي امتد لأربعة عشر قرنًا من كونهم حكام البلاد والعباد، وان ما حصل من سقوط نظام الحكم الصدامي وريث الدولة العراقية الحديثة، إنما هو حالة مؤقت أتت بقوة خارجية، وان إمكانية إعادة عقارب الساعة إلى ما قبل التاسع من نيسان ممكنة، مع كل الدعم السني العربي لهذا النمط من التفكير ودعم منصات غربية كثيرة لمثل هذا التوجه، ولو باستغلالهم كمثبط للاندفاع الشيعي في الحكم أو في الاقتراب من الجمهورية الإسلامية في إيران أو حتى من الأعداء التقليديين للولايات المتحدة وأوربا كروسيا والصين.

وثالثًا إن التنافس الحزبي المرير بين الأقطاب السياسية الإسلامية الشيعية وعدم إيمان معظم الحركات الإسلامية بولاية الفقيه إثباتًا أو ثبوتًا يرسخ ابتعاد الفاعليات السياسية عن التعاطي مع الفكرة كخيار مطروح ولو باحتمال ضئيل، إلا على نحو الاندماج باتحاد كونفدرالي مع الجمهورية الإسلامية. فالحزبين الأقدم وهما الدعوة والتيار الشيرازي لا يمكن تخيل تبنيهما لولاية الفقيه، إن لم يكن التحرز من عدائهما لأي توجه لتطبيقه في العراق، أما المنظمات التي نشأت ما بعد 1979 كالمجلس الأعلى وشظاياه، والمنظمات والفصائل التي ظهرت بعد العام 2003 إما نشوءً أو انشقاقًا، فإن لم تحرز عداوتها للولاية، فإن إحراز عدم تحمسها محرز. ولعل وهذا هو الأهم هو أن التثقيف الإيراني الذي ينطلق من جهات عدة من الأوساط الرسمية في إيران والذي يؤكد اختلاف التجربة العراقية عن الإيرانية وعدم صحة المقارنة بينهما، أدى إلى الركون إلى براءة ذمة افتراضية لجميع الأطراف من هذه الجهة، ليست في العرق وحده، بل في عموم الدول ذات الغالبية الشيعية.

  1. تعاني البحرين من مشكلة خطيرة قوامها القمع الوحشي الداخلي والمدعوم سعوديًا، فيزج أبنائه في السجون ويعدم كثير منهم ويطارد علماءها وتهدم مساجدهم، فحرية العبادة في البحرين غير مكفولة والاعتقاد الديني مهدد، لكن ما هو أكبر وأخطر هو خطر الإزالة الوجودية بإحداث زلزال ديموغرافي، فمن أجل القضاء على الغالبية الشيعية في البلاد سعى النظام الحاكم هناك إلى تجنيس مئات الآلاف من جميع الجنسيات بشرط أن تكون هويتهم الطائفية غير شيعية، وعلى الرغم قانون الجنسية في البحرين، لسنة 1963، على إمكانية الحصول على الجنسية البحرينية بعد الإقامة في البلد لمدة 15 عامًا بالنسبة للعرب، و 25 سنة لغير العرب. غير أنه يعطي الملك حق منح الجنسية لمن “يأمر عظمته بمنحها له” كما تقول فقرة في القانون، فتحول هذا الاستثناء إلى قاعدة جامحة لا ضابط لها. ففي سنة 2006، صدر تقرير عرف في البحرين بـ “تقرير البندر”، نشره المستشار الحكومي السابق صلاح البندر، وهو بريطاني من أصل سوداني. اتهم التقرير الحكومة بتنظيم “مؤامرة” تهدف إلى إقصاء الشيعة سياسيًا بإطلاق العنان للتجنيس الجامح، مع تسهيل إسقاط الجنسية عن معارضي النظام الذين في غالبيتهم من الشيعة

إن الأولوية للبحارنة هو البقاء على قيد الحياة والتمتع بأدنى الحقوق المتاحة والحفاظ على وجودهم العددي الغالبي، لذا؛ تبدو تطبيق ولاية الفقيه في البحرين مرهونة بإسقاط النظام الحاكم وقلعه من جذوره وإعادة الأمور إلى نصابها القانوني.

إن البنية العقدية والحزبية لشعب البحرين تشبه إلى حد بعيد البنية السياسية للعراق، فالتياران المسيطران على الساحة هو تيار الدعوة والتيار الشيرازي مع الفوارق النبوية والتنظيمية، في حين تدعم حكومة الملك التي تحكم من القرن الثامن عشر تيارات شاذة منشقة مثل جمعية التجديد الوجه الآخر لما يعرف ببدعة السفارة التي يدعي أعضاؤها وصلًا بالسفير الثالث للإمام المهدي بشكل روحاني ويدعون تلقيهم أوامرهم منه، وهي تفسير بإفرادها من الأصول الشيعية بطريق مختلف عقديًا تمامًا عن الشيعية الإمامية.

إن تواجد الأسطول الخامس في البحرين يشكل تحديًا كبيرًا على أبناء شعب البحرين، الذي يشترط أولًا تحرره من الهيمنتين الأمريكية والخليفية قبل التفكير بشكل الحكم في بلاده.

مع ذلك فإن المحيط الشيعي الحاني قد يساهم في تخفيف العداء الإقليمي لحكم شيعي؛ فعلى الضفة الأخرى من الخليج تحكم إيران بنظام ولاية الفقيه، فيما يشكل الشيعة الأكثرية من أهل المنطقة الشرقية في السعودية المجاورة، ونسبة 30 % في دولة الكويت، ونسبة 18 % في الإمارات و 50 % في اليمن و 50 في عمان.

  1. يمكننا أن نقدم تصورا عن الأغلبية ومدى تأثيرها عمومًا، فهناك ما يمكن تسميتها بالأغلبية السائدة، وهي الأغلبية الدينية أو العرقية أو الثقافية التي تمارس فعلها الوجودي بأريحية وهي تشغل معظم مواقع السلطة والاقتصاد والتعليم والنمط الثقافي في البلد التي هي فيه، فيما يمكن أن نسمي الأغلبية المقموعة بالأغلبية المتنحية، وهي التي تُحكم من أوليغارشية متسلطة تقمع أي ظهور للوجود الغالبي للسكاني سياسيًا أو دينيًا أو ثقافيًا، وهذه الأغلبية المتنحية أو الضعيفة يمكن تقسيمها إلى صنفين: الأغلبية المغلوبة ويمثل لها عادة بـ (أغلبية البحرين إلى اليوم وأغلبية العراق ما قبل 2003)، والصنف الثاني هو: الأغلبية المكبلة وهي الأغلبية التي تقيدها النظم التوافقية التي تحكم البلاد، مثل (أغلبية العراق بعد 2003، والأغلبية المسلمة (والأغلبية الشيعية في داخلها) في لبنان)، فيما تظهر أغلبية الشيعة في أذربيجان على سبيل المثال كنموذج للضياع الثقافي والديني والذي يحتاج إلى عقود من إعادة الشيعة إلى الفهم الذاتي لطبيعة عقيدتهم أولًا قبل الخوض بنوع الحكم المقبول.

إن وجود أغلبية سائدة ليس كافيًا لمساندة والسعي لتطبيق نظام ولاية الفقيه في أي بلد فيه هذه الغالبية، لأنه أن نجا من أنواع الغالبية المغلوبة بصنفيها، فإن الوعي الإسلامي هو المعيار الوحيد لاختيار هذه الأغلبية لنوع الحكم، وإلا تحولت إلى زبائن صناديق الاقتراع وعروض الأحزاب في كل دورة انتخابية، مؤمنة بأن أقصى مراحل الخيار السياسي هو تداول السلطة سلميًا، دون التفكير بنمط حكم محدد حتى ولو دفعت له الأثمان.

إن طبيعة التدين الشعبي وترسخه وفاعليته في الحياة اليومية واحد من أهم عوامل نجاح أي سعي لتطبيق النظريات الإسلامية في الحكم، ومنها نظرية ولاية الفقيه، فاختطاف أردوغان لحكم الأخوان من بين يدي قادته، وسقوط أخوان مصر، كان من أسبابه الرئيسية ضعف القاعدة الشعبية الواعية المساندة لنظام الحكم، بالطبع مع العوامل الأخرى الموضوعية.

  1. إن طبيعة التدين الشعبي الإيراني وترسخه في العقود الثلاثة المتزامنة مع اندلاع الثورة الإسلامية قبل ومع وبعد، ساعد كثيرًا في تثبيت أركانها، ووجود إمكانية لتوليد قادة من هذه القواعد المؤمنة ساهم في عدم تآكل القيادة أو انقراضها.

إن نتائج الحكم الصفوي والطبيعة الشخصية للعنصرين الفارسي والتركي صبغ المجتمع الإيراني بتدين يومي فعال حاضر في الحياة اليومية، ما ساهم في إمكانية عرض كل الحوادث الواقعة على الرسم الديني، وساهم الحلف الديني– السوقي المترسخ منذ عهد بعيد في الدعم المادي للحركة الإسلامية، بعد أن ابتعد المتدينون عن الوظائف الحكومية التي عدوها أدوات للسلطة الغاشمة ولجاوا إلى التجارة، فأدى ذلك أن يستند البنيان الديني إلى ركن شديد، وعليه فإن الحراك الديني الممهد للثورة الإسلامية كان يستند إلى ركيزة التدين الحركي المتفاعل مع السيرة اليومية والمستند على أرباح البازار المتعاطف والداعم.

وفي لبنان يبني حزب الله بازاره الخاص بإدارة مشاريعه، لكنه أيضًا لا يهمل حصته من التقسيمة الحكومية مما يعزز نفوذه في الدولة اللبنانية، وهو يبني التفاعل الديني اليومي تجاه معظم إن لم يكن كل القضايا اليومية المعاشة فهو نسخة جيدة مصغرة لواقع المجتمع المحتضن للثورة الإسلامية، لكنه يعيش ذلك كمجتمع داخل مجتمعات، وليس كما هو حال الغالبية الشيعية في إيران عشية الثورة الإسلامية.

في العراق وبعد انتهاء سيطرة الطبقة الشيعية المتدينة على السوق الكبير في العراق بعد حملة التسفيرات، وانتباه السلطة للعلاقة بين الحوزة والبازار، ووصول الحركات الإسلامية إلى السلطة بالمشاركة، فإن العامل الشعبي ضعيف للغاية، فقلة من شيعة العراق فضلًا عن مسلميه يعيشون الدين كدافع يومي ومنظار حياتي لكل واقعة حادثة، وتفتقر هذه الحركات والأحزاب إلى الجناح الثاني وهو القوة الاقتصادية الخاصة أو العامة الداعمة، باستثناء تجربة المكاتب الاقتصادية السيئة الصيت، التي ألحقت ضررًا كبيرًا بسمعة هذه الأحزاب إما لسلوكه غير الاقتصادي أو للتشويه المتعمد من قبل الماكنة الإعلامية المضادة أو كليهما معًا أو لأسباب أخرى لا ينبغي التفصيل فيها هنا. ويفضل معظم العراقيين دينًا لا يؤدي إلى الصدام أو تحمل الأعباء، لذا؛ درجوا على اختيار مرجعيات تميل إلى عدم التصادم مع النظام الحاكم بالغًا ما بلغ هتكه للدين وعدائه له. لذا؛ فتصور تفكير غالب الشيعة بولاية الفقيه أمر ليس بالهين مع التربية الزمنية المتطاولة من السكون وطلب السلامة. والأمر أشد وضوحًا في البحرين؛ فعلى الرغم من وجود تجربة حكم شيعية تمثلت في الدولة العيونية وما تلاها [28] إلا أن ما تلاها من انكسار وهجمات خوارج عمان وصولًا إلى تسليط البريطانيون لأسرة آل خليفة قد أبعد الشيعة عن مركز القرار في جزيرتهم وحرمهم من موارد بلادهم، أما في أذربيجان فالأمر أسوأ بكثير، إذ تشير معظم المعلومات المتوافرة عن شيعتها بانسلاخ السواد الأعظم عن عقيدته بسبب عقود الماركسية السوفيتية.

  1. إن الثقل الجيوسياسي لإيران على الرغم من أنه حمل تهديدًا لنجاح مثل هذه التجربة فهي تتوسط مجموعة من أقوى الدول التي لم ترغب في قيام نظام إسلامي، وهي الهند وباكستان والاتحاد السوفييتي وتركيا ودول الخليج العربي، إلا أن الموقع نفسه بعد وجود إدارة ممتازة لخصائصه الإيجابية ساهم في نجاح، بل تقوية إيران أضعافًا مضاعفة على ما كانت عليه قبل إعلان هذه الدول عداء معلنًا أو مبطنًا. في حالة العراق على سبيل المثال إذا استثنينا الخطر الداخلي: الشيعي، الكردي، السني. فإن دول الجوار الغربي والشمالي والجنوبي ستدفع أقصى ما تستطيع لإجهاض حتى التفكير بشكل علني في تبني هذه الفكرة، ناهيك عن أي محاولة واقعية أو خيالية للسعي لتطبيقها على الأرض. وما لم يستقل العراق بقراره المحلي ويمتلك الإرادة والقوة على منع كل تدخل في خياراته، فإنه سيبقى بعيدًا عن اختيار أي نظام ينسجم مع رغبة مواطنيه، سواء كان ذلك النظام هو ولاية الفقيه أو ضدها، لان التوازن الإقليمي والدولي في العراق المسلوب الإرادة تتلخص بنظام لا هوياتي ولا إيدلوجي ولا ديني.

أما لبنان فأنها كجزء من الشام الكبير، فوضعها أصعب إقليميًا، فهناك كيان يملك عداء وجوديا ضد الشيعة وهو الكيان الصهيوني، ولا تبعد دولة حليفة له هي الأردن عن حدود لبنان الا مسافة قصيرة، وعلى الرغم من الحلف مع النظام السوري إلا ان عقيدته السياسية هي بالضد من تشكيل كيان في خاصرته يجاهر بولاية الفقيه، لأنه سينتزع سلطته على شيعة سوريا ويوسع الانتشار الشيعي فيها. أما دول حوض المتوسط (بما فيها دول شمال افريقيا العربية)، وفيها دول قوية للغاية فستعد وجود حكم الفقيه شرق المتوسط تهديدًا مباشرًا وتمددًا إيرانيًا لا يمكن القبول به.

وتعاني البحرين من الخليج السني والذي وان حمل اسمه الفارسي وضفته الشرقية الكثير من القوة الشيعية، إلا أن البحرين في الواقع تختنق بالهيمنة القبلية السنية الممثلة بالممالك والإمارات الخليجية، والتي لا يمكن أن تفكر بقبول البحرين كدولة ديمقراطية وفق النموذج الكويتي، ناهيك عن أن تفكر فيها كدولة ولاية فقيه. وسيكون شن حرب عليها من قبل حلف خليجي أمر في غاية التوقع.

أما أذربيجان فإنها وان جاورت إيران جغرافيًا ومذهبيًا، إلا أن القوى المعادية داخلها ومجاورتها لبقايا الإمبراطورية السوفيتية السابقة ولأرمينيا المسيحية ولتركيا الخليفة السابق للمسلمين السنة، يجعلها من أضعف الدول لطرح فكرة ولاية الفقيه.

  1. إن ما ذكر في محله من أسباب وعوامل نجاح الثورة الإسلامية من قيادة ملهمة تتمتع بقائد شجاع وبصير وشعب واع لخطورة وضعه الراهن بغض النظر عن الأحوال المادية التي يعيشها، ومتدين لا يرغب عن حكم الله بديلًا، هي أهم عوامل نجاح التغيير الذي يمكن أن يكون على شكل انتفاضة أو ثورة أو قلب للنظام الفاسد على رأسه، في البلدان التي رشحناها لإمكانية قيام نظام ولاية الفقيه فيها. أن العامل المهم في المعادلة هو وجود الطبقة العلمية المؤمنة برسالة الإسلام والتي ستقوم بدورين أولهما رفع وعي الناس إلى المستوى المطلوب للشعور بالحاجة إلى حكم إسلامي، وثانيًا فرز قمة الطبقة ممثلة بقائد شجاع قادر على قيادة الأمة ودعمه في المشروع الجماعي.

إن إمكانية وجود الرجل الكاريزمي الذي يمكنه من قيادة الأمة أو جزءًا مهمًا منها، متاحة، وقد شهد لبنان والعراق، والبحرين بدرجة أقل، ظهور قيادات يمكن التعويل عليها، لقيادة الأمة للتعلق بدينها والعمل بموجب أحكامه، لذا؛ فنجاح الثورة الإسلامية هو ممكن نظريًا في المرتبة الأولى، لكن تبقى العوامل الأخرى الممانعة والتي تعرضنا لها، تجعل الإمكان يبقى في محله الافتراضي وهو بحاجة إلى أدوات إزالة المانع لتحقيق الغاية المنشودة من هذا السعي.

  1. لقد عددنا أن صيغة الحكم في البلدان المرشحة، والطبيعة الجيوسياسية المحيطة بها، والتنوع البشري في تلك البلدان، من العوامل المعرقلة لقيام حكم ولاية الفقيه، لكن تلك الأسباب والعوامل التي طرحناها لصعوبة أو استحالة قيام حكم ولاية الفقيه في البلدان المحتملة نظريًا لذلك، لا تمنع من قيام ذلك الحكم أو أجزاء منه في أجزاء من بعض هذه البلدان، فإن الظروف السياسية التي قد تقود بعض هذه البلدان إلى الفيدرالية، أو أي شكل من أشكال الحكم الذاتي، فتتمتع بها مناطق ذات غالبية شيعية في العراق ولبنان على سبيل المثال، قد تقود إلى تشكيل إقليم يخضع إلى حكم ولاية الفقيه بشكل كلي أو جزئي، يبدأ بإقامة نظام تعليم وقضاء إسلامي واقتصاد لاربوي وبقية سمات نظام الحكم الإسلامي.

إن العمل بالممكن هو البديل الصحي والواقعي للتمهيد لدولة الولاية الكبرى، فإن كان الشهيد محمد الصدر قد نجح وهو يعيش في ظروف تقية مكثفة تحت ظل نظام باطش وعنيف، مع وسط شيعي نافر، أن يؤسس للمحاكم الشرعية التي تطبق الشريعة الإسلامية، فمن المدهش اليوم أننا نرى أن سيطرة الأحزاب التي تعلن عن خطها الإسلامي عاجزة حتى عن تغيير قوانين مضادة ومعادية للإسلام ومخالفة لبديهيات الشريعة الإسلامية لا وفق مذهب أهل البيت فحسب، بل تخالف الإجماع الإسلامي برمته.

إن إعادة إحياء فكرة المحاكم الشرعية التي تدار من قبل الفقيه العادل وبإشرافه، والتي تحكم كخطوة أولى في قضايا التحكيم بالتراضي، قد تكون الخطوة لإنشاء محاكم شرعية تطبق جميع فقرات النظام القضائي في الإسلام، ويتأسس على هديها إدارة أموال القاصرين وقضايا الوقف الشرعي، بالتزامن مع تأسيس منهج تربوي وتعليمي إسلامي في محافظة أو إقليم يؤيد جمهوره ذلك السعي، لتتراكم الخطوات تباعًا بما يمكن أن يؤدي إلى انتشاره بعد اكتشاف محاسنه من قبل بقية طبقات المجتمع، وبالتالي التمهيد لتقبل تطبيق نظام ولاية الفقيه بمعناه الأشمل.

ختام

إن تجربة إقامة نظام حكم وفق مبدأ ولاية الفقيه، ثبتت أنها تجربة ناجحة وصامدة على الرغم من تحديات عويصة واجهتها طوال ما يزيد على أربعة عقود، وإذا ما استثنينا العامل القطري وميزات الشعب الإيراني، فإن ما يتبقى كاف لإقامة هذه التجربة في أماكن أخرى مع حساب الاختلافات الذوقية للشعوب والبُنى التاريخية والجيوسياسية التي لا تشبه بطبيعة الحال ما هو عليه الحال في إيران، مع الانفتاح على التفكير في إقامة هذا النظام بشكل محدود في السعة أو في الجغرافية تمهيدًا للتوسع اللاحق.

المصادر العربية

  1. ابن الأثير، مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الكريم الشيباني الجزري (المتوفى: 606 ه ) . النهاية في غريب الحديث والأثر. تحقيق: طاهر أحمد الزاوي ، محمود محمد الطناحي . المكتبة العلمية. بيروت، 1399هـ1979م.
  2. ابن خلدون، عبد الرحمن بن محمد بن محمد، أبو زيد، ولي الدين الحضرمي الإشبيلي (المتوفى: 808 هـ)، ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر. تحقيق: خليل شحادة. دار الفكر. بيروت. الطبعة: الثانية، 1408 هـ – 1988 م.
  3. الأميني، عبد الحسين: الغدير في الكتاب والسنة والأدب. دار الكتاب العربي. بيروت. لبنان. الطبعة الثالثة. 1387 ه‍ –1967 م.
  4. الأنصاري، مرتضى بن محمد أمين. المكاسب. المؤتمر العالمي بمناسبة الذكرى المئوية الثانية لميلاد الشيخ الأنصاري. مجمع الفكر الإسلامي. 1420 م – 1378. ق.
  5. جعفريان، رسول: اطلس الشيعة: النسخة العربية: المركز الاكاديمي للأبحاث. 2015 م.
  6. الجواهري، محمد حسن النجفي: جواهر الكلام. دار الكتب الإسلامية. طهران. 1365 ق.
  7. الحر العاملي، الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن، إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات. تحقيق: ‏رسولي محلاتي، هاشم. المطبعة العلمية. 1959 م.
  8. حسين، عسّاف: ايران الإسلامية: ثورة وثورة مضادة. بلا تاريخ.
  9. الحلبي، أبو الصلاح: الكافي في الفقه. تحقيق: رضا الاستادي. أصفهان: مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، 1400 ه‍.
  10. الخميني، روح الله الموسوي. الحكومة الإسلامية. وزارة الارشاد في الجمهورية الاسلامية الايرانية . 2019 م.
  11. دستور جمهورية إيران الإسلامية. على شبكة الانترنت.
  12. دواني، علي: نهضت روحانيون إيران. ناشر: بنيادفرهنگي امام رضا. 1340.
  13. الزين، حسان: الثورة الايرانية في أبعادها الاجتماعية والأيديولوجية. دار النهار للنشر بيروت1979 . م.
  14. شايم، الحجّة عبد الرحمن: جوابات العلامة الحجّة عبد الرحمن شايم. نسخة pdf. بلا تاريخ. على الشبكة.
  15. شمس الدين، عباس : لماذا انتصرت الثورة الإسلامية في إيران. 2023. غير منشور
  16. شمص، عبير: المباني الفقهية والبعد التاريخي لولاية الفقيه عند المحقق الكركي: صحيفة الوفاق: 202307 12.
  17. الشهيد الثاني، زين الدين بن علي العاملي. مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام. مؤسسة المعارف الإسلامية. تحقيق ونشر وصف الحروف: مؤسسة المعارف الاسلامية. قم. إيران. الطبعة: الأولى 1419 ه‍. ق. المطبعة: پاسدار اسلام.
  18. عباس غارة باقي: الاعترافات العامة. بلا تاريخ
  19. عبده، محمد. نهج البلاغة وهو مجموع ما اختاره الشريف الرضي من كلام سيدنا أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام: دار المعرفة للطباعة والنشر بيروت لبنان. بلا تاريخ
  20. فضل الله، السيد علي محمد جواد: الشهيد الأول: رائد الفكر والإصلاح والوحدة. مجلة بقية الله: 216 . السنة الثامنة عشر. 1442 هـ.
  21. الكركي، الشيخ علي بن الحسين (المحقق الثاني). رسائل الكركي. تحقيق: الشيخ محمد الحسون. مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي. مطبعة الخيام. قم. الطبعة الأولى 1409 ه‍ ق.
  22. الكليني، محمد بن يعقوب بن إسحاق الرازي (توفي سنة 329 هـ / 941 م): الكافي: المحقق / المصحح:‌ غفاري على اكبر وآخوندي، محمد. دار الكتب الإسلامية. تهران. 1407 ق. الطبعة الرابعة.
  23. مطهري، مرتضى: حول الثورة الإسلامية ـ قم ـ صدرا . بلا تاريخ
  24. المفيد، أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي المتوفى 413 ه‍. ق: المقنعة. مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.
  25. النراقي، أحمد بن محمد مهدي. عوائد الأيام. تحقيق: مركز الأبحاث والدراسات الإسلامية الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي. مطبعة المكتب. الطبعة الأولى . 1417 ق، 1375 ش
  26. الهمداني، آغا رضا المتوفّى سنة 1322 هـ . مصباح الفقيه. منشورات مكتبة الصدر. طهران. الطبعة الحجريّة.
  27. هويدا، فريدون. سقوط الشاه: ترجمة أحمد عبد القادر الشاذلي، مكتبة مدبولي.

المصادر الأجنبية

  • فردوست، حسين: خاطر أرتشبود بازنشته حسين فردوست، بوادر سقوط حكم الشاه ـ اطلاعات 1367
  • Fred Halliday, The Iranian Revolution: Uneven Development and Religious Populism، Journal of International Affairs Vol. 36، No. 2، RELIGION AND POLITICS (FALL/WINTER 1982/83).
  • Hamid Algar, Abdurrhman, Roots of the Islamic Revolution in Iran.
  • Homa Katouzian, The Political Economy of Modern Iran: Despotism and Pseudo-modernism, 1926-79 – 1 April 1981.
  • M. Nafissi and K. Azizi، together with a long new introduction by the author، Tehran: Nashr-e Markaz، 25 the impression، 2020 (second، enlarged، edition 1993؛ first edition, 1988.
  • Marvin Zonis, Majestic Failure: The Fall of the Shah.
  • Michael M. J. Fischer, Iran: From Religious Dispute to Revolution Paperback– June 1،2003.
  • Misagh Parsa, Social Origins of the Iranian Revolution (Studies in Political Economy), September 1،1989).
  • Nikki Keddie, Iranian Revolutions in Comparative Perspective Nikki R. Keddie the American Historical Review Vol. 88، No. 3 (Jun. 1983).
  • Parviz C. Radji (1936-2014). ‏ In the Service of the Peacock Throne: The Diaries of the Shah’s Last Ambassador to London, 1992.
  • Robert Looney, Economic Origins of the Iranian Revolution (Policy Studies on International Development) Hardcover – 1 July 1982.

[1] ابن الأثير، مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الكريم الشيباني الجزري (المتوفى: 606هـ) . النهاية في غريب الحديث والأثر. تحقيق: طاهر أحمد الزاوي – محمود محمد الطناحي. المكتبة العلمية – بيروت، 1399هـ – 1979م : 5 : 227

[2] الأميني، عبد الحسين: الغدير. دار الكتاب العربي. بيروت. لبنان: ج 1 ص 40

[3] نهج البلاغة: 1–91 (نعم إنه لا حكم إلا لله. ولكن هؤلاء يقولون لا إمرة إلا لله: وإنه لا بد للناس من أمير بر أو فاجر يعمل في إمرته المؤمن. ويستمتع فيها الكافر. ويبلغ الله فيها الأجل. ويجمع به الفئ، ويقاتل به العدو. وتأمن به السبل. ويؤخذ به للضعيف من القوي حتى يستريح به بر ويستراح من فاجر)

[4] من مجموع روايات عدة منها: معتبرة سدير عن أبي جعفر -عليه السلام- قال: قال رسول الله: لا تصلح الإمامة إلا لرجل فيه ثلاث خصال ورع يحجزه عن معاصي الله وحلم يملك به غضبه وحُسن الولاية على من يلي حتى يكون لهم كالوالد الرحيم ـ قال الكليني وفي رواية أخرى حتى يكون للرعية كالأب الرحيم. الكافي- ط الإسلامية، الشيخ الكليني، ج 1، ص 376 ومعتبرة السجستاني عن أبي جعفر -عليه السلام- قال: (قال الله¨ لأعذبن كل رعية في الإسلام دانت بولاية كل إمام جائر ليس من الله وإن كانت الرعية في أعمالها برة تقية ولأعفون عن كل رعية في الإسلام دانت بولاية كل إمام عادل من الله وإن كانت الرعية في أنفسها ظالمة مسيئة) الحر العاملي، الشيخ أبو جعفر، إثبات الهداة، ج 1، ص 150. الشيخ الكليني، صحيحة محمد بن مسلم، الكافي: ط الاسلامية، ج 1، ص 375. ورواية ابن أبي يعفور، الكافي: ج 1، ص 375.

[5] كمكاتبة إسحاق بن يعقوب ومقبولة عمرو بن حنظلة ورواية القداح.

[6] المفيد، أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي المتوفى 413 ه‍. ق: المقنعة. مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة ص 810.

[7] الحلبي، أبو الصلاح: الكافي في الفقه: تحقيق رضا أستادي. مكتبة الإمام أمير المؤمنين علي -عليه السلام- العامة– أصفهان: ص 421.

[8] فضل الله، السيد علي محمد جواد: الشهيد الأول: رائد الفكر والإصلاح والوحدة. مجلة بقية الله: السنة الثامنة عشرة العـدد 216

[9] الكركي، الشيخ علي بن الحسين (المحقق الثاني). رسائل الكركي. تحقيق: الشيخ محمد الحسون * الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي. مطبعة الخيام- قم * الطبعة الأولى 1409 ه‍ ق. ج 1 ص 142.

[10] الشهيد الثاني، زين الدين بن علي العاملي- مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام- مؤسسة المعارف الإسلامية- قم- إيران- ج 3 ص 9.

[11] النراقي، أحمد بن محمد مهدي- عوائد الأيام- مركز النشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي- ص 188–189.

[12] الجواهري، محمد حسن النجفي- جواهر الكلام- دار الكتب الإسلامية– طهران- ج 12 ص 397.

[13] الأنصاري، مرتضى بن محمد أمين- المكاسب- المؤتمر العالمي بمناسبة الذكرى المئوية الثانية لميلاد الشيخ الأنصاري- ج 3 ص 557.

[14] الهمداني، آغا رضا: مصباح الفقيه- منشورات مكتبة الصدر– طهران- ج 3 ص 160.

[15] الخميني، روح الله الموسوي- الحكومة الإسلامية- ص 17.

[16] دستور جمهورية إيران الإسلامية، على الربط: https://mauritania.mfa.gov.ir/ar/generalcategoryservices/ 10461

ودستور إيران الصادر عام 1979، شاملا تعديلاته لغاية عام 1989 من مستودع مشروع الدساتير المقارنة، موقع constituteproject.org

[17] لا بد من التذكير أن للولاية مستويين: النوع الأول: الولاية الخاصة: ما تكون محدودة التصرف في نفس أو مال أو ذمة شخص عاجز عن حفظ مصالحه بسبب حجر أو فلس أو موت أو صغر أو عجز، والهدف منها الحفاظ على مصالح العاجزين وحقوقهم، في أيد أمينة، ومثاله: ولاية الأب على أبنائه، والزوج على زوجته، والوصي على الموصى عليه، ووليّ المجنون، ووليّ السفيه، ووليّ البكر في التزويج، ووليّ الميّت، ومتولّي الوقف … وغيرهم. وهي محل إجماع الفقهاء على نحو متسالم به في كل المجتمعات والدول والقوانين. ويطلق عليها في الفقه: (القيمومة). والنوع الثاني: الولاية العامة: ما تكون ولاية للأنبياء والأوصياء ولنوّابهم الخاصين والعامين عامة على جميع الناس، فتتولى التصرُّف في إدارة وتنظيم المجتمع الإسلامي، مثل أي حكومة لأي أمة أو شعب، ويكون هدفها إجراء أحكام الإسلام، وتأمين المصالح المادية والمعنوية للمجتمع الإسلامي، وحفظ نظام البلاد مقابل الأعداء، وليس من صلاحيتها التصرف في النفوس والأموال والأمور الشخصية للأفراد إلا بالقدر الذي يتزاحم مع المصلحة العامة.

[18] جوابات العلامة الحجّة عبد الرحمن شايم. نسخة pdf. بلا تاريخ. على الشبكة

[19] ابن خلدون، عبد الرحمن بن محمد بن محمد، أبو زيد، ولي الدين الحضرمي الإشبيلي (المتوفى: 808 هـ)، ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر. تحقيق: خليل شحادة. دار الفكر، بيروت. الطبعة: الثانية، 1408 هـ- 1988 م. 1: 241-242

[20] انظر:

 (1) فريدون هويدا (19242006 (:the fall of the shah by Fereydoun Hoveyda، Simon & Schuster؛ 1 st edition،April 1،1980 ترجم إلى العربية بعنوان (سقوط الشاه: ترجمة أحمد عبد القادر الشاذلي، مكتبة مدبولي)

 (2) حسين فردوست Hossein Fardoust (19171987) خاطر أرتشبود بازنشته حسين فردوست، بوادر سقوط حكم الشاه ـ اطلاعات 1367

 (3) عباس غارة باقي: الاعترافات العامة.

 (4) برويز راجي Parviz C. Radji (19362014). ‏In the Service of the Peacock Throne، 1992

[21] انظر:

من الجدل الديني إلى الثورة Iran: From Religious Dispute to Revolution Paperback– June 1،2003) لميشيل فيشر Michael M. J. Fischer الإصرار على أن أسباب الثورة الاجتماعية والاقتصادية تشكّل كماً ونوعاً، تقليداً للمعارضة الدينية. فيما تقول نيكي كدي Nikki Keddie في Iranian Revolutions in Comparative Perspective Nikki R. Keddie The American Historical Review Vol. 88، No. 3 (Jun.، 1983) ، pp. 579598 أن إصلاحات الشاه المتعجلة والعقيدة الدينية الشيعية تظافرتا معا لإنجاح الثورة. ويكاد فريد هاليداي Fred Halliday في (الثورة الإيرانية: تنمية غير مستوية وجماهير The Iranian Revolution: Uneven Development and Religious Populism، و Journal of International Affairs Vol. 36، No. 2، RELIGION AND POLITICS (FALL/WINTER 1982/83)، pp. 187207)

[22] انظر:

الخبير الاقتصادي روبرت لوني Robert Looney في مقالته (الأصول الاقتصادية في الثورة الإيرانية Economic Origins of the Iranian Revolution Pergamon Policy Studies on International Development)) ، وعالم الاقتصاد والمؤرخ محمد علي همايون كاتوزيان Homa Katouzian في كتابه (الاقتصاد السياسي في إيران The Political Economy of Modern Iran، trs. M. Nafissi and K. Azizi، together with a long new introduction by the author، Tehran: Nashr-e Markaz، 25 the impression، 2020 (second، enlarged، edition 1993؛ first edition، 1988).) فإنه يرجع إلى الأعوام المحصورة بين (1960-1978) باعتبارها سنيّ (دكتاتورية النفط)، وفي رأيه، أن الجمع بين هذا العامل، وذاك الذي يُسميه (التحديث الكاذب) يشكّل جذور الثورة الإيرانية.

[23] ميثاق پارسا Misagh Parsa في كتابه (الأصل الاجتماعي في الثورة الإيرانية Social Origins of the Iranian Revolution (Studies in Political Economy) Paperback– September 1،1989)

[24] مارفن زونيس Marvin Zonis رجح في كتابه (سقوط الشاه Majestic Failure: The Fall of the Shah)) أن ضعف الشاه كان عاملا حاسما في نجاح الثورة

[25] لقد ركز باحثون على العامل الثقافي والديني، مثلما فعل علي دواني في كتابه (نهضت روحانيون إيران. Markaz-i Asnād-i Inqilāb-i Islāmī، Muʼassasah-i Farhangī-i Hunarī va Intishārāt، 2015Iran) وكذلك فعل حسان الزين في كتابه (الثورة الايرانية في أبعادها الاجتماعية والأيديولوجية) ، فيما اختار حامد الغار في كتابه (جذور الثورة الايرانية) نجاح الثورة إلى قدرة التشيّع وقيادة الإمام الخميني على تمثيل التقليد الديني وتقديم الإسلام كأيديولوجية. أما عسّاف حسين في كتابه (ايران الإسلامية: ثورة وثورة مضادة) فأكد أيضًا على أهمية الأيديولوجية.

[26] المباني الفقهية والبعد التاريخي لولاية الفقيه عن المحقق الكركي: عبير شمص: الوفاق: 2023-07-12

[27] خطاب للسيد حسن نصر الله على شبكة الإنترنت– غير محدد التاريخ

[28] اطلس الشيعة: رسول جعفريان: النسخة العربية: المركز الاكاديمي: 386-398

المنشورات الأخرى

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked with *

المنشورات الأخيرة

المحررون

الأكثر تعليقا

المقاطع المرئية