مقالة : الامام الحسن (ع) ..عذوبة المنهج و صناعة السلام


د . ناجي الفتلاوي

الامام الحسن (ع( حرز التربية المحمدية والعلوية و الفاطمية ,وانطلاقا من هذه المثابات التربوية العليا اسس لجملة من القواعد ,منها , الواقعية السياسية والصلابة المبدأية و الحلول المرحلية بمعنى انه لا مانع من حلول مرحلية عندما تعوزنا الامكانات فلسنا دائما في مستوى تحقيق اهدافنا البعيدة فضلا عن كون الاسلام هو الهدف الاعلى في متبنياته (سلام الله عليه) و الصلح لديه هو خدمة لهدف كبير مع تشخيص دقيق لمرض الامة بغية معرفة ماذا تحتاج الى ثورة ام سكون وصلح , مع دعوته الى حفظ الصالحين والواعين من ابناء الامة الى جنب امتلاك الوعي المستقبلي والا نترك الظروف الراهنة تسقطنا , هكذا مثابات اسس لها الامام الحسن (ع) حيث وجد في عصره ان هناك وعيا يريد ان يحل الشهوة محل الفكرة والمال محل القناعة والانا المتعالية محل النفس المعطية ,فهو اراد من المسلم ان يكون عنصر تثقيف واضاءة وتكامل وسير نحو الحقيقة بل ان يكون جزء منها ,وهو بهذا اراد ان يبني مجتمعا متصالحا وليس مجتمعا مليئا بالقتلى او مليئا بالقاتلين حيث قصد تبديد وهم البناء بالغلبة واراد ان يحل محله واقع البناء بالعفو والتسامح وان نشعر بلذة السفر الى الله عبر الاندماج الاخلاقي الحسن مع الناس متيحا لنا فهم الحقيقة بالحقيقة وليس عبر بوابات المجاز المربكة للمشهد برمته ,فهو (سلام الله عليه) يضعنا على طريق التمييز بين من يسرقنا ومن يحرسنا وبين الامانة والخيانة مختطا لنا منهجا تثويره يضمن لنا تخليص المجتمع من قيدين , الاول : تغييب الفكر ,والثاني : تغييب العمل ,هذا التمييز في مضانه يصنع من الفرد المسلم خادما لقضية راكزة لا ان يكون لاهثا خلف اوهام متعددة الرؤوس (وهم القبيلة ,وهم العقل , وهم السوق ,وهم المال , وهم الانا المتعالية …..) وهو بهذا يبين لنا درسا في غاية الاهمية من ان الشعوب لا تصنع تاريخها بالحروب وحدها وانما تصنعه كذلك بالسلام و حضارة السلام التي هي الاكثر عسرة في بنائها لأنها الاكثر انسانية والاغنى فالمعيار هنا وحسب المنهج الحسني في امتحان العظمة الانسانية انما هو السلام وليس الحرب ,وهذا يتم من خلال تثوير الرغبات المنتجة للفكرة المستندة على الابدي المحرك للعابر بقصدية ترسيخ الابدي لا الوعي الزائف الذي يرى بالعابر نقطة الارتكاز الكبرى وهو الذي كان يميز الوعي الذي كان يحمله المخالفون للمنهج الحسني ,فهم بوعيهم ارادوا تحويل سنابل القمح الى مناجل وينابيع الماء العقائدي العذب الى رماح وخناجر .

المحرر
ADMINISTRATOR
PROFILE

المنشورات الأخرى

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked with *

المنشورات الأخيرة

المحررون

الأكثر تعليقا

المقاطع المرئية